للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في الإحاطة: "كان مجازفًا مقدورًا عليه، لا يملُّ من المعاقرةَ والقصب، حتى هان قدرُه، وابتُذِلَتْ نفسُه، وساء ذكرُه. ولم يدَعْ بلدًا من بلاد الأندلس إلا دخله، مسترفدًا أميرَه، وواغِلًا على عليته (١) (. . .) وحدثني بعضُ الشيوخ أن سبَبَ حقده على ابن باجَّة (. . .) كان من إزرائه به، وتكذيبه إياه في مجلس إقرائه؛ إذ جعل يكثر ذكرَ ما وصله به أمراءُ الأندلس (. . .)، ووصف حُليًّا، وكانت تبدو من أنفه فضلة خضراء اللون، فقال له: فمن تلك الجواهر إذًا الزُّمُرُّدة التي على شاربك؟ فثلبه بما هو معروف في الكتاب". (٢) قال في نفح الطيب: وقد حلاه الفتح في بعض كتبه بقوله: "نور فهمٍ ساطح. . ." إلخ (٣). أقول: لم أقف على هذه التحلية (٤).

[كتاب "قلائد العقيان"]

هو الكتاب الذي طار صيته في الأزمان، فخلد للأندلس بين أهل الأدب ذكرًا معطارًا، وأقام لها في كل مسلك من مسالك المعرفة منارًا، كتاب لم يخل ناشئ


(١) أي الداخل عليهم في طعامهم وشرابهم من غير أن يدعوه.
(٢) ابن الخطيب: الإحاطة بأخبار غرناطة، ج ٤، ص ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٣) المقري التلمساني: نفح الطيب، ج ٧، ص ٢٤.
(٤) قلتُ: هذه التحلية جاءت في كتاب المطمح، حيث يقول الفتح ابن خاقان عن ابن باجَّة: "الوزير أبو بكر بن الصائغ بدرُ فهمٍ ساطع، وبرهانُ علمٍ لكل حجة قاطع، تفرحت بعطره الأعصار، وتطيبت بذكره الأمصار، وقام به وزنُ المعارف واعتدل، ومال للأفهام فننًا وتهدل. . ." إلخ. الفتح بن خاقان، أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله القيسي الإشبيلي: مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ملح أهل الأندلس، تحقيق محمد علي شوابكة (بيروت: مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤٠٣/ ١٩٨٣)، ص ٣٩٧ - ٣٩٩. في بيان علة تحول الفتح ابن خاقان من ذم ابن باجَّة وهجوه إلى مدحه والثناء عليه قال ياقوت بعد ذكر ما هجا به الفتح أبا بكر: "وبلغ ذلك (أي الهجاء) ابن الصائغ، فأنفذ له مالًا استكفه به واستضلحه. وصنف ابن خاقان كتابًا آخر سماه مطمح الأنفس ومسرح التأنس في ذيل شعراء الأندلس وصله بقلائد العقيان، افتتحه بذكر ابن الصائغ وأثنى عليه فيه ثناءً جميلا". معجم الأدباء، ج ٥، ص ٢١٦٥. وانظر الترجمة الوافية للفتح والدراسة الضافية عن حياته وأدبه وتآليفه اللتين أنجزهما الشوابكة بين يدي تحقيقه لكتاب مطمح الأنفس، ص ١٥ - ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>