السؤال: قد جرت عادة أرباب معاصر الزيتون بغالب جهات المملكة بأن يقرضوا شيئًا من المال لمالكي الزياتين، وهؤلاء يلتزمون بعصر غلة زياتينهم بماكيناتهم. وبعد العصر يطرح بقيمة المال المقترض زيتًا من المتحصل. كما جرت العادة - أيضًا - بأن يقرضوا لطائفة من تجار حب الزيتون مقدارًا من المال، وفي مقابل ذلك يكونون ملتزمين بعصر ما اشتروه من الحب في معصرة المقرض، ومن متحصل الزيت يسترجعون مالهم الأصلي مع معين كراء العصر، وفي بعض الأحيان يزيد المقترض من ماله الخاص في صورة ما إذا لم يوف متحصل الزيت بالخلاص. وحيث إن ظاهر فقه هذه المسألة هو باب سلف جر نفعًا، فالمرغوب إفتاؤنا في ذلك.
الجواب:
إن هذه المعاملة على الوجه المذكور إذا وقعت عن رغبة من مالك غلة الزيتون، سواء كان مالكَ الأصل أو خضارًا أو تاجرًا في الغلة، لاحتياجه إلى المال ليكمل به أعماله الفلاحية أو التجارة، فدفع له صاحبُ المعصرة (الماكينة) مالًا واشترط عليه أن يأتيَه بمتحصل الغلة، سواء كان معيَّنَ المقدار أو غير معين ليعصر في معصرة المقرض بالأجر المتعارف دون زيادة لأجل القرض، فهذه المعاملة من قبيل القرض، أي السلف، وهي جعلُ غلة الزيتون توثقةً لذلك القرض، فيصير مسمَّى هذه المعاملة هو مسمى القرض برهن؛ إذ العقود تُعطى الأسماء الشرعية باعتبار المسميات والمواهي.
(١) المجلة الزيتونية، المجلد ١، الجزء ٤، شوال ١٣٥٥/ نوفمبر ١٩٣٦ (ص ١٨٢ - ١٨٥).