للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرية، وهي التي لم يحضرها بنفسه. وأعظم الغزوات غزوة الفتح، فتح مكة. فلما فُتحت مكة، تسارع العرب إلى الدخول في دين الإسلام أفواجًا، وبدل الله بالعذب ما كان من دينهم أجاجًا، وكانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم منها، وجعل بينهم أخوة ما كانوا من قبل يدركون لها كنها.

ووفدت الوفودُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جميع من أسلم من قبائل العرب وأحيائها، تتلقى ما هو للقلوب إكسيرُ إحيائها، وتبلغ إسلام من ورائها، وتقفل إليهم بألطاف الشريعة السمحة ورونق روائها، فكان رسول الله يرشدهم ويضيفهم وينزلهم بديار أصحابه ويجيزهم عند رجوعهم، وجعل الموكل بافتقادهم بلالًا بن رباح - رضي الله عنه -.

وحج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس في السنة العاشرة من الهجرة، واجتمع في تلك الحجة من المسلمين أربعون ألفًا على الأصح، وخطب في تلك الحجة خطبته العظيمة، ونزل عليه في يوم عرفة من تلك الحجة قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

[شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

كان شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاج أبياته وفي أبياته تبليغ الدعوة وإبلاغ القرآن، وتدبير أمور المسلمين وتعليم أصحابه، والإمامه بالناس، والخطبة لهم، والقضاء بين الخصوم، وقضاء حوائج أهل الحاجات، ولقاء الوفود وتدبير الغزوات والسرايا.

وكان يجلس للناس في مجلسه بالمسجد صباحًا ومساء إذا لم يكن قد غاب في مهم للمسلمين، وكان موضعُ مجلسه ما بين منبره وبيت عائشة، وهو الموضع المشتهر بالروضه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". (١) وكان يجلس


(١) صحيح البخاري، "كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة"، الحديثان ١١٩٥ - ١١٩٦، ص ١٩٠؛ "كتاب فضائل المدينة"، الحديث ١٨٨٨، ص ٣٠٣؛ "كتاب الرقاق"، الحديث ٦٥٨٨، ص ١١٣٩؛ "كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة"، الحديث ٧٣٣٥، ص ١٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>