للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه على دكانة مرتفعة متخذة من طين ويحيط به جلساؤه حلقًا. (١)

وكان في بعض النهار يدخل بيوت أزواجه ويفتقد شؤونهن، ويعين على بعض عمل منزله. قال على بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "كان رسول الله إذا آوى إلى منزله جزَّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءًا لله تعالى، وجزءًا لأهله، وجزءًا لنفسه. ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة بالخاصة، ولا يدخر عنهم شيئًا". (٢)

وكان فراشه الذي ينام عليه من أدم، أي: جلد مدبوغ محشو بليف وفوقه مسح مثنِيٌّ ثنيتين. وكان يلبس القميص، ولقميصه كمان يبلغان إلى الرسغ وجيب وزر، ويلبس الرداء والإزار، ويجعل إزاره إلى نصف الساق. ولبس الحلةَ الحمراء والبردين الأخضرين، ولبس مرطًا أسود، ويلبس جبة رومية ضيقة الكمين. وكان يلبس العمامة البيضاء والسوداء، ويسدل آخرها بين كتفيه. ولبس السراويل في الحضر والسفر ومدحها، فقال: "إني أمرت بالستر فلم أجد شيئًا أستر منه". (٣)

وكان يستحسن لبس البياض، ويحث عليه. ولبس النعلين، وكان لهما قبالان،


(١) انظر الدراسة المفصلة التي قام بها المصنف في هذا الصدد، وقد سبقت في هذا القسم.
(٢) الترمذي: الشمائل المحمدية، الحديث ٣٢١، ص ١٤٤.
(٣) عن أبي هريرة قال: "دخلت يومًا السوق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلس إلى البزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكان لأهل السوق وزَّان يزن، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّزنْ وأَرجِحْ"، فقال الوزان: إن هذه الكلمة ما سمعتها من أحد. فقال أبو هريرة: فقلت له: كفى بك من الرَّهَق والجفاء في دينك، ألا تعرف نبيَّك؟ فطرح الميزان ووثب إلى يد رسول الله يريد أن يقبلها، فحذف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده منه، فقال: "ما هذا؟ إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها، ولست بملك، إنما أنا رجل منكم". فوزن وأرجح وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السراويل. قال أبو هريرة: فذهبت لأحمله عنه، فقال: صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله، إلا أن يكون ضعيفًا فيعجز عنه فيعينه أخوه المسلم". قال: قلت: يا رسول الله، وإنك لتلبس السراويل؟ قال: "أجل في السفر والحضر، وفي الليل والنهار، فإني أُمرتُ بالستر فلم أجد شيئًا أستر منه"". الهيثمي: بغية الرائد، "كتاب اللباس"، الحديث ٨٥١٠، ج ٥، ص ٢١٢. قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط، وفيه يوسف بن زياد البصري، وهو ضعيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>