للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النسخة المستخرجة من هذا الجزء من الديوان]

ولما رأيتُ جزء الديوان على تحريف وأخطاء وصح عزمي على نشره، أبيت أن أنشره على علاته، فاستخرجت منه نسخة أعددتها ليقع الطبع عليها، وقد بذلت الجهد في تصحيحها وإصلاح أخطاء أصلها على نحو ما بينته في الشرح من التصحيح والتصويب. فإن كان الخطأ والتحريف في الأصل واضحًا، كان إصلاحه متبادرًا، مثل أخطاء الرسم وأخطاء الضبط وأخطاء السهو بقلب الحروف إلا نادرًا. وإن كان الإصلاح راجحًا، جعلتُ النسخة أيضًا على الوجه الراجح، ونبهتُ على ما في الأصل في الشرح. وإن كان الإصلاح محتملًا، جعلت النسخة على نحو أصلها، ونبهت على الاحتمال في الشرح، وقد توليت مقابلةَ هذه النسخة وضبطها.

[[خاتمة: منهج المصنف في تحقيق الديوان]]

ومما ينبغي التنبيه عليه أن بعضًا من أهل الأدب في عصرنا هذا قد استحسنوا أن يتصرفوا فيما ينشرونه في الكتب بحذف ما يلوح لهم من الألفاظ التي قد يُسْتَحْيَى من ذكرها في المحادثات الموقرة، وفي ديوان بشار من هذا النوع شيء ليس بقليل.

ولمَّا عزمتُ على نشر هذا الديوان، فرضتُ في نفسي الترددَ بين طريقة إثبات الشاعر على ما هو عليه وبين طريقة حذف ما قد يُسْتَحْيَى منه. ثم جزمتُ بسلوك الطريقة الأولى؛ لأن فيها أداءَ أمانة النقل على ما هي عليه، إذ لا ينبغي أن يُصَوَّر الشاعرُ أو الكاتبُ على حسب ما يشتهيه الناقلُ أو القارئ، بل ينبغي أن يُظهرَه كما هو بأخلاقه وألفاظه وأخلاق أهل عصره وعاداتهم، كما قيل: "صحيفةُ لبِّ المرء أن يتكلما".

ولسنا بالذين نُصلح من الشاعر ما أفسده طبعُه، ولا نشعب (١) ما تشقق به نبعُه. على أن أهل الأدب قد اغتفروا الممازحةَ في مثل هذا الباب، وقد سلك الحريري


(١) الشَّعْب: من الأضداد، ويعني: الجمع والتفريق، والإصلاح والإفساد. وفي حديث عبد الله بن عمر: "وشعبٌ صغير من شعب كبير"، أي صلاحٌ قليل من فساد كثير. وشعب الرجل أمره، =

<<  <  ج: ص:  >  >>