للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى اضطُرَّ بشار أن يُعلن توبتَه، فقال هذه القصيدة:

وَقْد تُبْتُ فَاقْبَلْ تَوْبَتِي يَابْنَ هَاشِم ... فَإِنَّ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ مُدْمَجُ (١)

ولَمَّا قتل بشار فُتشت كتبُه فلم يُلْفَ فيها شيءٌ يدل على ما كانوا يرمونه به، ووُجد في كتاب له: "بسم الله الرحمن الرحيم. إِنِّي أردت هجاءَ آل سليمان بن علي لبخلهم، فذكرتُ قرابتَهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمسكتُ عنهم إجلالًا له - صلى الله عليه وسلم -، على أنِّي قد قلتُ فيهم:

دِينَارُ آلِ سُلَيْمَانٍ وَدِرْهَمُهُمْ ... كَالبَابِلِيَّيْنِ حُفَّا بالعَفَارِيتِ

لَا يُرْجَيَانِ وَلَا يُرْجَى نَوَالُهُمَا ... كَمَا سَمِعْتَ بِهَارُوتٍ وَمَارُوتِ". (٢)

[مكانته لدى الخلفاء والأمراء]

كان بشارٌ من أهل الوجاهة والسُّمعة، وكان مكرَّمًا لدى خلفاء بني أمية ورجال دولتهم. وكان أيضًا له مكانته عند خلفاء بني العباس أبي جعفر المنصور


(١) ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ٦٥. والأبيات من قصيدة من أربعين بيتًا من البحر الطويل، قالها يمدح الخليفة العباسي المهدي ويتبرأ إليه مما نسبه إليه خصومه وحساده، ويعلن توبته مما سلف، كما يذكر عادات عطاء المهدي له وقد رحل إليه.
(٢) قال المبرد: "وقتله المهدي على الإلحاد. وقد روى قومٌ أن كتبه فُتشت فلم يُصبْ فيها شيءٌ مما كان يُرمى به، وأصيب له كتابٌ فيه: إني أردت هجاء آل سليمان بن علي، فذكرت قرابتَهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمسكتُ عنهم". الكامل في اللغة والأدب، ج ٢، ص ١٤٢. وقال أبو الفرج الأصفهاني بعد أن ذكر هذا الخبر: "فلما قرأه المهدي بكى وندم على قتله، وقال: لا جزى الله يعقوب بن داود خيرًا، فإنه لمَّا هجاه لفق عندي شهودًا على أنه زنديقٌ فقتلته، ثم ندمت حين لا يُغنِي الندم". ابن المعتز: طبقات الشعراء، ص ٢٢. كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٤٩ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧١٩ (نشرة الحسين)؛ ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ٤٢. والبابليين: نسبة إلى بابل، وهي ناحية منها الكوفة والحِلة، يُنسب إليها السحر والخمر. وقد جاء البيت الثاني بلفظ "لا يُبصَران" بدل "لا يُرجيان" و"لقاؤهما" بدل "نوالهما"، وفي الديوان "لا يوجدان". وانظر المعري: رسالة الغفران، ص ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>