للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان وتأصيل وتحقيق لحكم البدعة والمنكر (١)

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. هذا ما وعدتُ به في آخر جوابي عن سؤال قراءة القرآن على الجنازة من بيان وتأصيل. اعلم أن المُدرَك فيما حواه ذلك الجواب يتوقَّف على تحقيق معنى البدعة والمُحدَث والمنكر، وبيان أحكام هذه الأشياء في نظر الشريعة، إذ قد جرت هذه الألفاظُ في كلام الشارع في سياق الذم. وربما توهّم البعضُ أنها مترادفة، وتخيلوا أن ما ليس بسنة فهو منكَر، فتسمع بعضَهم يقول: إن هذا الفعل غير جائز، ثم يعلل عدمَ الجواز بأن ذلك مخالفٌ للسنة، أو يتعجب ممن يقول: إن هذا مخالفٌ للسنة مع أنه يقول: هو مندوب أو مباح أو مكروه.

فاعلم أنه قد روَى الترمذيُّ عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل بدعة ضلالة"، ورواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله. (٢) وفي


(١) نشر منجمًا في جزءين في: الهداية الإسلامية، المجلد ٨، الجزء ١١، جمادى الأولى ١٣٥٥ (ص ٦٨٩ - ٦٩٨)؛ الجزء ١٢، جمادى الآخرة ١٣٥٥ (ص ٧٤٣ - ٧٥٣). وقد جاء هذا المقال تقفية لفتوى صدرت عن المصنف بخصوص قراءة القرآن على الجنازة، وهي منشورة في الفرع الثاني من هذا القسم مباشرة بعد هذا البحث.
(٢) جزء من حديث عن العرباض بن سارية قال: "وعظنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا بعد صلاة الغداة موعظةً بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال رجل: إن هذه موعظةُ مودع، فبماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبدٌ حبشي، فإنه مَنْ يعِشْ منكم ير اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثاتِ الأمور، فإنها ضلالة. فمَنْ أدرك ذلك منكم، فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ"". سنن الترمذي، "أبواب =

<<  <  ج: ص:  >  >>