للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وهو البردة والراية والسيف (المنسوبة ثلاثتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ومفاتيح الحرمين، فسلمها إلى السلطان، وذلك أول سنة ٩٢٣ هـ.

فلُقِّب السلطان سليم بخليفة المسلمين، وخادم الحرمين الشريفين. وبذلك أصبحت الخلافةُ الإسلامية في حقيقتها قولًا وفعلًا، وحصلت بها وحدةٌ إسلامية أعادت لنفوس المسلمين الشعور بعزتهم. وبذلك تأتَّى لدولة آل عثمان أن تضم أقطارًا إسلامية جمة إلى مملكتها الواسعة دون كبير عناء، وحسبت الأمم المعادية للمسلمين يومئذ لهم حسابَهم، وعلموا أن لسان حال السلطان يقرأ {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥)} [الغاشية: ٢٥].

فيحق أن نعد السلطان سليمًا هو المبعوث لتجديد أمر الأمة في رأس المائة العاشرة من وقت صدور الخبر النبوي الصادق. وهو وإن كان تجديدُه أمرَ الخلافة متأخرًا عن رأس المائة، فإن ولايته السلطنة قريبٌ من رأس تلك المائة. والعبرة بيوم الظهور، وإن تأخر التجديدُ إلى أن تتهيأ الأمور.

[[المائة الحادية عشرة]]

لم يعرف تاريخُ الإسلام حادثًا انتابَ الأمة الإسلامية منذ كيانها، ولا سهمًا أصابَها في قلب إيمانها، مثلَ الحادث الجلل الذي اعترى المسلمين بالأندلس أوائل القرن الحادي عشر من الهجرة. فوجمت له النفوس، وذرفت له العيون، وأوقر ذكرُه الأسماعَ في جميع البقاع، ولم يجد المسلمون مدخلًا لاستلال دائه، ولا ثائرًا يثأر لهم أو مصيخًا لندائه. ألا وهو حادثُ تنصير جميع المسلمين في مملكة غرناطة، تلك الرقعة التي بقيت للإسلام في بلاد الأندلس، والمأوى الذي لجأ إليه المسلمون حين انتزع


= محملة بالسلاح. واقتحم جنود عمرو المدينة. عندها تناولت زنوبيا السم قائلة: "بيدي لا بيد عمرو"، أي أنها أرادت أن تفوت عليه فرصةَ قتلها. ومنذئذ جرى هذا القول مجرى المثل يقوله الإنسان يُنزلُ بنفسه المكروه مخافة أن يُنزله به العدو.

<<  <  ج: ص:  >  >>