للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم الجلالقةُ بقيةَ بلادهم. وهو وإن كان مأوى ضيقًا، إلا أنه كان مأهولًا بخيرة البلاد وبقية الناس لَمّا خلصت بلادُ الأندلس بأيدي الجلالقة (١) بسقوط كورة ألبيرة وعاصمتها غرناطة في ربيع الأول سنة ٦٩٧ هـ بعد حصار طويل، وبعد أن شرط (٢) الملك فرديناندو الجاثليقي (لوكاتوليك) ملك أرغون وشريكته في الفتح زوجُه إيزابيلا الجاثليقية (لاكاتوليك) (٣) ملكة قشتالة، وأُبعد سلطان المسلمين أبو عبد الله محمد بن علي آخر بني نصر إلى بلاد المغرب الأقصى.

وأصبح المسلمون مسلوبِي الملك، وانحازوا إلى سكنى ربض البايزين من مدينة غرناطة، وسكنى القرى من بادية غرناطة وحوزها المسماة بالبشرات. (٤) وكان في عداد الشروط التي اقتطعها المسلمون على الجلالقة تأمينُ المسلمين على دينهم وتمكينهم من البقاء في أوطانهم، ثم لم تلبث الجلالقة إلا قليلًا من السنين حتى نكثوا العهود، وتظاهروا بالجحود، وتطرقوا إلى فتنة المسلمين في إيمانهم وإكراههم على اعتناق دين النصرانية، بعد أن وثقوا بأنهم عُزَّلٌ من كل وسيلة للدفاع، وأعياءٌ من كل حيلة يتخلصون بها من تلك البقاع. قال في أزهار الرياض: "وفي سنة ٩٠٤ هـ


(١) هو اسم الإسبان في اصطلاح مؤرخي المسلمين في العصر القديم. - المصنف.
(٢) لم يأت في الكلام بعد هذا بيان لما شرط الملك فرديناندو، على أن التعبير صحيح حيث يكون المعنى: "بعد أن وضع أو شرط فرديناندو شروطًا".
(٣) هي إيزابيلا الأولى (١٤٥١ - ١٥٠٤)، ملكة قشتالة أو كاستيا Castille، ثم إسبانيا بعد وحدتها مع مملكة أراجون Aragon. وتعرف باسم Isabelle de Castille أو Isaballe Ia Catholique، وهي ابنة الملك جان الثاني، كانت دراستها دينية كاثوليكية متعصبة، في وقت كانت تسيطر على الكاثوليك في إسبانيا فكرةٌ واحدة وهي التخلص من المسلمين وطردهم خارج إسبانيا. أصبحت ملكة قشتالة إثر وفاة أخيها هنري الرابع، وتزوجت من فرناندو Ferdinando الثاني الأراجوني. قامت هي وزوجها بغزو غرناطة آخر معاقل المسلمين في إسبانيا وإسقاط حكم أبي عبد الله محمد الثاني عشر (١٤٦٠ - ١٥٢٧ م) آخر ملوك الأندلس المسلمين وذلك في عام ١٤٩٢ م، وأقامت محاكمَ التفتيش الشهيرة. أطلق عليها البابا إسكندر السادس هي وزوجها فردينادو لقبَ "الملوك الكاثوليك".
(٤) هذه القرى كثيرة منها: وادي أش، وبلفيق، وأندرش، والمنظر، وجبل بلنقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>