للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصة المولد [والمبعث والرسالة] (١)

الحمد لله الذي أطلع للناس في ظلمة الضلالة بدرَ هدى، وبلَّ بغيث الرشاد المحمدي ما لحق طينة قلوبهم من صدا، ورفع قدرَ نبيه محمد وأعلى مقامه، وبعثه رحمة للعالمين في الدنيا وعرصات القيامه، وأمر أمتَه بتعظيمه فنبههم لذلك بالأمر بالصلاة عليه، والنهي عن رفع الصوت عنده والتقدم بين يديه.

اللهم فصلِّ عليه صلاةً تكون بين أيدينا نورًا، ونزداد بها نضرة وسرورًا، وعلى آله الذين خصصتهم بمزايا الشرف، وأطلعتهم في سماء الفضائل بدورًا ما يشينها كلف (٢)، وارْضَ عن أصحابه الذين أَثْبتَّ رضاك عنهم في كتابك إعلانًا، (٣) الذين هاجروا ونصروا وآثروا، يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا، فأَنعِمْ بهم إخوانًا.

أما بعد، فهذه سحابةٌ أظلت بذكر الفضائل المحمدية فبث رشاشُها، وزجاجة مُلئت من عطر الأخلاق النبوية فيها لنفوس السامعين انتعاشُها، لو وُزنت بأغلى الدرر واليواقيت لما غلت سومًا على السامع فلقال: هات أو هيت، وكيف لا وإن


(١) نشرت هذه الرسالة بالعنوان نفسه في صدر كتاب أصدرته الدار التونسية للنشر بتونس بدون تاريخ يحمل عنوان "قصة المولد" باسم محمد الطاهر ابن عاشور ويشتمل على المحتويات الآتية: "كشف الذعرات بوصف الشعرات" للشيخ محمد الفاضل ابن عاشور، وقصائد "الهمزية" و"بردة المديح" و"المضرية" و"المحمدية"، وكلها للشيخ محمد البوصيري.
(٢) الكَلَف والكُلفة: حُمرة كَدِرة تعلو الوجه، وقيل: لونٌ بين السواد والحمرة، وقيل هو سوادٌ يعلو الوجه. ومراد المصنف واضح.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨)} [الفتح: ١٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>