للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إصلاح مدارس (١) الطلبة:

وأنا لا أهمل تقديرَ سيرتهم نحونا حقَّ قدرها: من خطة التعقل والرصانة، والطاعة للمقررات، والتفهم للصالح العلمي، مما دلني على أنهم قد استودعوني ثقتَهم بأني أبذل الوسعَ فيما يؤول إلى سعاد مستقبلهم، جاعلًا في مقدمة ذلك النظرَ في مدارس سكناهم، وهي مشكلةٌ عظيمة في حياة الطلبة من جهة قلتها وضعف مرافقها. وحسب السامع أن يعلم أن أكثر من نصف عدد التلاميذ يلاقون عناء قاسيًا من ذلك، وأيضًا فإن نظام المدارس مرتبط بنظام التلامذة في قرن (٢)؛ إذ لا يستطاع ضبط أحوال التلامذة، وصونهم، وتوفير راحة بالهم في مدة الطلب إلا بإبلاغ نظام المدارس الغاية التي تقتضيها أمثالها، وذلك يتوقف على إصلاح الموجود وإيجاد المفقود.

وقد سددنا الجانبَ الأول بايجاد دائرة خاصة تابعة للمشيخة تختص بالنظر في تنظيم شؤون المدارس، وأما الجانب الثاني فأرى حقًّا على الأمة أن تجعل للاعتماد على نفسها الحظَّ الأوفر في إقامة مصالح ناشئتها. لذلك بادرنا بتوجيه الدعوة لنخبة من أفاضل الأمة فكوَّنوا لهذا الغرض المهم جمعيةً تم تشكيلها القانوني تحت رئاسة فضيلة شيخ الإسلام المالكي، الذي كان من قبل باذر نواتها، وستبتدئ هذه الجمعيةُ إنجاز برنامجها الرامي إلى إيجاد بناية ضخمة تأوي أكثرية من التلامذة في نظام محكم.

وقد سبق للتهمم بهذه المهمة سابقون سبق الجياد، فعرض علي أحد الأفاضل من أهل السخاء أنه أعد مليون فرنك لبناء مدرسة على النظام الكامل (ورغب أن يكتم اسمه)، كما فاتحني الفاضلُ الخير السيد الديماسي أنه قد اقتنى منزلًا ضخمًا لجعله مدرسة تامة المرافق، وهو بصدد تصميم مثال لإقامته، وفاتحني الفاضل الغيور السيد المختار الصالحي باستعداده لإنشاء مدرسة كاملة.


(١) المقصود بالمدارس هنا محلات السكن الجماعي للطلبة.
(٢) القَرَن: الحبل يقرن - يجمع - به البعيران، أي: هناك رابط بين نظام المدارس ونظام التلامذة.

<<  <  ج: ص:  >  >>