للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غرض هذا الكتاب وطريقته]

اقتصر مؤلفه في فاتحته على قوله: "هذا كتاب في ذكر سرقات أبي الطيب ومشكل معانيه المرتبة على القوافي". وطريقته أنه يأتي بأبيات أبي الطيب مرتِّبًا لها على حسب ترتيب حروف القوافي، فيعنون بحرف القافية التي منها الأبيات، ثم يذكر الأبيات المحتاجة إلى الشرح عنده، ثم يعقب بذكر مآخذ (١) المتنبي لبعض أبيات في القافية، فيقول: "فصل في سرقاته". وقد يأتي بكلام أبي الفتح ابن جني وينتقده أو يقره. وجعل ترتيب حروف المعجم فيه على الاصطلاح المشرقي، دون المغربي الذي هو اصطلاح أهل بلد ابن بسام الشنتريني. وهذا محل نظر: فيحتمل أنه تابع فيه ترتيبَ أبي الفتح ابن جني. وقد جمع فيه بين طريقَتَيْ ابن جني التي خص إحداهما بكتاب "الفسر الكبير"، والأخرى بكتاب "الفسر الصغير"، وزاد عليه بذكر السرقات الشعرية.

واعلم أن الأدباءَ يُطلقون اسمَ السرقات الشعرية على أن يأخذَ الشاعرُ معْنًى سابقًا في شعر مَنْ قَبْلَهُ فيُودِعُه في شعره قصدًا، ويُعلم القصدُ بقرينة الإحاطة بذلك المعنى. فكلٌّ من الأخذ والسرقة نوعان: ظاهرٌ وغيرُ ظاهر. الظاهر أن يُؤخذ المعنى كلُّه إما مع اللفظ كله أو بعضه، فإن أخذ اللفظَ كله من غير تغيير فهو مذموم، ويلحق به أن يبدل بعضَ الكلمات بما يراد فيها. وإن كان مع تغيير لنظمه؛ فإن كان شعرُ الشاعرِ الآخذ أحسنَ من شعرِ سابقه فممدوح، وإن كان أقلَّ منه فهو مذموم. وإن أخذ اللاحقُ من السابق المعنى وحده، سُمي إلمامًا وسلخًا، وهو أقسام. ويُغتفر من الأخذ ما فيه حسنُ تصرفٍ من الآخذ في المعنى المأخوذ منه.


(١) المآخذ هي التي يعبرون عنها بالسرقات الشعرية. - المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>