للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشار مع مثل عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء من العلماء، إلا أنهما عَظُما بالتقوى، واشتُهر بشار بالمجون.

وشعر بشار يدل على أن له رتبةً مكينة في السيرة النبوية، وفي الأخبار والآثار وأيام العرب، وتراجم الشعراء وما أخذ عليهم، وما اختير لهم من الشعر، ألا ترى قوله (في الورقة ١٣٢):

إِنَّ النُّحَيْلَةَ لَوْ يَمِيلُ بِهَا الصَّبِىُّ ... كَالقِنْوِ مَالَ عَلَى أَبِي الدَّحْدَاحِ (١)

يشير إلى منقبة أبي الدّحداح التي في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كم من عِذْق رَداح في الجنة لأبي الدحداح". (٢)

[شعر بشار]

معروفٌ من أصول الأدب تقسيم الشعراء إلى أربع طبقات: جاهلي، ومخضرم، وإسلامي متقدّم، ومولّد. فالجاهلي مَنْ نشأ وانقرض قبل الإسلام، وهم شعراء مدة مائة وخمسين سنة قبل الهجرة، لا يعدو المعروفُ منهم هذا الزمن. والمخضرَم مَنْ قال شعرًا في الجاهلية وأسلم، وهو بفتح الراء من الخَضْرمة، وهي القطع؛ لأن الإسلام قطعهم عن الكفر، قال ابن فارس: وهذا اللقب من الأسماء التي أحدثت لهم في الإسلام (٣).


(١) ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ٩٤. والبيت من قصيدة من سبعة وعشرين بيتًا من بحر الخفيف قالها بشار في بعض ندمائه. وقد جاءت في الديوان عبارة "البخيلة" بدل النحيلة.
(٢) عن أنس بن مالك: أن رجلًا قال: "يا رسول الله، إن لفلان نخلة، وأنا أقيم حائطي بها فمره أن يعطيني أقيم حائطي بها. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أعطها إياه بنخلة في الجنة". فأبى، وأتاه أبو الدحداح، فقال: بعني نخلك بحائطي. قال: ففعل. قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعت النخلة بحائطي، فجعلها له. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة"، مرارًا. فأتى امرأته، فقال: يا أم الدحداح، اخرجي من الحائط، فإني بعته بنخلة في الجنة". الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين، "كتاب البيوع"، الحديث ٢٢٤٩، ج ٢، ص ٢٥.
(٣) أورد المصنف كلامَ ابن فارس ببعض تصرف، ولفظه: "وقد كانت حدثت في الإسلام أسماء، وذلك قولهم لمن أدرك الإسلام من أهل الجاهلية: مخضرم". ثم قال: "وتأويل المخضرم مِن =

<<  <  ج: ص:  >  >>