للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنا أحسب أن هذا اللقب سرى إليهم من وصف الإبل التي أسلم أهلُها وجعلوا لها سماتٍ تعارفوها تنبئ بأن أهلها مسلمون، وهي شق آذان إبلهم، وذلك الشق يسمى خضرمة. يدلّ لذلك ما ورد في حديث وفد جَسْر وهم بطن من قُضاعةَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جسْرًا طلقاء الله أسلموا وخَضرَموا"، قال ابن منده: "والخضرمة شق آذان الإبل حتى إذا أغارت عليهم خَيْلُ المسلمين عرفوها فلم تُهَج". (١)

والإسلامي المتقدم، مثل عُمر بن أبي ربيعة والفرزدق وجرير؛ والمولدون مثل بشار ومَنْ بعده كأبي تمام. وقد قسمهم الأدباء أيضًا إلى أمويٍّ مثل أبي عطاء السِّندي، وعباسيٍّ مثل أبي تمام، ومخضرم الدولتين وهو الذي أدرك بشعره الدولةَ الأموية والدولة العباسية، مثل بشار والعجّاج وأبي النجم وذي الرمة. وبشارٌ إلى الدولة الأموية أقرب، وشعرُه في مدتها أكثر. وقد كان شعرُه شائعًا في زمن الخليفة الوليد بن يزيد، ففي الأغاني أن محمدًا بن عمران الضبِّي قال: أنشدنا الوليد بن يزيد قول بشار:

أَيُّهَا السَّاقِيَانِ صُبَّا شَرَابِي ... وَاسْقِيَانِي مِنْ رِيقِ بَيْضَاءَ رُودِ

. . . . الأبيات". (٢)


= خضرم الشيء، أي: قطعه. وخضرم فلان عطيته، أي: قطعها، فسمي هؤلاء [يعني جماعة من الشعراء ذكرهم] مخضرمين، كأنهم قطعوا من الكفر إلى الإسلام". ابن فارس: الصاحبي في فقه اللغة، ص ٥٣.
(١) انظر الحديث وكلام ابن منده في ترجمة مالك بن أبي العيزار (الترجمة رقم ٧٦٨٢). ابن حجر العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق علي محمد البجاوي (بيروت: دار الجيل، ١٤١٢/ ١٩٩٢)، ج ٥، ص ٧٤٤. وفيه: "حتى إذا غارت عليهم خيلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفت ولم تهج".
(٢) وهي ستة أبيات من بحر الخفيف. والرود: الشابة الحسناء الناعمة، والأصل فيها الهمز (رؤد)، وقد خففت للضرورة الشعرية. الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ١٨٧ (نشرة القاهرة)؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>