للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطاب في موسم ختم السنة الدراسية (١)

سبحان الذي غمرت من لدنه فيوضاتُ النعماء، فجلت على الإحصاء، وقصر عن شكرها لسانُ الثناء. أحمده حمد موقن بجزيل خيره، مخلص في التوكل عليه دون غيره، متبرِّئٍ له من الاغترار بالقوة والحول، مستمدٍّ منه العصمةَ والتوفيق في الفعل والقول. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد المؤيَّد بالعصمة، والباسط لما أوتي من الحكمة، صلاةً تكون كَفاءَ ما علَّم بعد الجهالة، وهَدَى بعد الضلالة، وفتح قلوبًا بعد الإغلاق، وفتق أنوارًا بعد الإطباق، وعلى آله وأصحابه الذين اقتفوا أثر هديه فانقلبوا أدلة، واستناروا من مدد سناه فطلعوا أهلة.

أما بعد، فلو أن أقومَ بيان جرى على أفضل لسان، فحاول أن يبرهنَ على ما للعلم الشريف من القدر النبيه، ومنازل التعظيم والتنويه، لما بلغ مبلغَ برهان هذا الجمع المبارك الجليل الذي تجلَّى فيه ما لهذه الأمة السعيدة من التعلق بتعليمها الديني وإجلال مقامه، والاندفاع في سبيل معهدها الزيتوني ورفع أعلامه. فهو الموسم العلمي السني الذي يجدد للجامع الأعظم وفروعه كل عام من مهيئات النجاح ما تجدد الشمس للأرض عند إشراقها كل صباح، إذ تبدو فيه العناية السنية عناية الحضرة الشامخة العلية، حضرة سيدنا الملك العظيم المجد، السعيد الجد، السائر على سنن أسلافه الأمراء الصيد والفائز من مفاخرهم بالحظ المزيد والصيت الحميد، سيدنا محمد الأمين دام له العز والتأييد، ولا زال قرير العين في آله وبنيه، مبلَّغ


(١) المجلة الزيتونية، المجلد ٦، العدد ١٠، ١٣٥٦/ ١٩٤٦ (ص ٥٨٧ - ٥٩٠ و ٦١٦ - ٦١٩). ألقى المصنف هذه الخطاب بوصفه شيخ جامع الزيتونة وفروعه، وذلك في شهر جمادى الثانية/ يونيو من السنة المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>