للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاجر، وهو محتاجٌ إلى قرينه لفظية أو معنوية ليفارق كلامُ البليغ كلامَ الغالط والهاذي والغبي.

[٢ - عوارض أحوال المسند إليه]

المُسْنَد إليه هو كاسمه ما ضُمَّ إليه غيرُه كما تقدم مثل المبتدأ، والفاعل، ونائب الفاعل، واسم كان، واسم إن. والأصل أن يكون المسندُ إليه مذكورًا في الكلام، وقد يُحذف إذا دلت عليه قرينةٌ، نحو قوله تعالى: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩)} [الذاريات: ٢٩] أي: أنا عجوز، أو لضيق المقام نحو قول رفيق الصياد: "غزالّ"، أو ليجري اللفظُ مجرى المثل فيكون موجزًا نحو "رمية من غير رام"، أي: رميتك هذه.

والأصلُ في المسند إليه التعريف؛ لأن الحكم إنما يكون على معروف، فيكون المسنَدُ إليه معرفةً من المعارف الستة المذكورة في النحو (١). فإذا تعين طريقٌ من تلك الطرق الستة، وجب الاقتصارُ عليه. وإن أمكن الإتيانُ في تعريفه بطريقين فصاعدًا، كما إذا أمكن التعبير عنه باسمه العلم أو بالموصول وصلته أو بالضمير، تخير البليغُ في ذلك وهو يراعي ما هو أنسب. فقد يختار تعريفه باسمه العلم؛ لأن في الاسم تعظيمًا، مثل معز الدين والرضا، أو فيه إهانة نحو بَوْلَان ويسير، فيقصد المتكلمُ الإشارةَ إلى أن المسمى له حظٌّ من اسمه. فلذلك قال الشاعر: "وفضل يسير في البلاد يسير" (٢)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عُصَيَّة عصت الله ورسوله" (٣). أو لأن في الاسم محبة وابتهاجًا بذكره، كما قال:


(١) المعارف الستة هي: الأول أسماء الأعلام، كأحمد وخديجة وعمر. والثاني المعرف بالألف واللام، كالرجل والغلام المعلم. والثالث أسماء الضمائر، كأنا وأنتَ وأنتِ وغيرها. والرابع أسماء الإشارة، كهذا وهذه وهذان وهؤلاء. والخامس الأسماء الموصولة، كالذي والتي والذين واللتين والذين واللاتي واللائي. والسادس الأسماء المضافة إلى أحد المعارف الخمسة السابقة، كغلام زيد، ومالك البيت.
(٢) يقال مدح رجلٌ رجلًا يقال له يسير بهذا البيت، فقيل له: إنك قد مدحته، وإنه لا يعطيك شيئًا! فقال: إن لم يعطني شيئًا قلت بيدي هكذا، وضم أصابعه، يعني أنه قليل.
(٣) عصية بطن من بني سليم، كانوا كفارًا فغدروا ببعض المسلمين يقال لهم: القراء في موضع يدعي ببئر معونة سنة ٤ من الهجرة. - المصنف. والحديث عن أنس - رضي الله عنه - قال: "فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>