للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لغرض لفظي كالسجع والفاصلة في نحو: {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (٣٢)} [الحاقة: ٣١, ٣٢].

القصر (١):

القصرُ تخصيصُ حكم بمحكوم عليه، بحيث لا يثبت ذلك الحكمُ لغير ذلك المحكوم عليه، أو تخصيصُ محكومٍ عليه بحكم، بحيث لا يتصف ذلك المحكومُ عليه بغير ذلك الحكم، بواسطة طريقةٍ مختصرة تفيد التخصيصَ قصدًا للإيجاز، فخرج بقولنا: "بواسطة طريقة مختصرة" إلخ نحوُ قول السموأل:

تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظُّبَّاتِ نُفُوسُنَا ... وَلَيْسَتْ عَلَى غَيْرِ الظُّبَّاتِ تَسِيلُ (٢)

فإن هذا المثال اقتضى تخصيصَ سيلان النفوس، أي: الدماء بالكون على حد الظبات، لكن ذلك ليس مدلولًا بطريقة مختصرة بل بجملتي إثبات ونفي.

والمرادُ بالحكم والمحكوم عليه الأمرُ المقصود قصرُه أو القصرُ عليه، سواء كان أحدَ ركني الإسناد نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: ١٤٤]، أم كان متعلق أحدهما كالمجرور المتعلق بالمسند في قول كعب بن زهير:

لَا يَقَعُ الطَّعْنُ إِلَّا فِي نُحُورِهِمُ ... مَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ المَوْتِ تَهْلِيلُ (٣)


(١) القصر مع كونه بابًا له مباحث مهمة في علم البلاغة هو أيضًا له تعلقٌ كبير بالأبواب الثلاثة التي مضت؛ فإن الإسناد والتعليق يتكيفان بالقصر في بعض الأحوال. فكانت مسائلُ القصر تجري في المسند إليه وفي المسند، وفي متعلقات الفعل وشبهه؛ أعني المفاعيل والحال والظرف والتمييز والموصوف والصفة. ولذلك أُخِّر بابُه عن الأبواب الماضية لكونه ليس أشدَّ تعلقًا بواحد منها منه بالآخر. مثال قصر الحال على صاحبها والعكس: "ما جاءني راكبًا إلا زيد"، و"ما جاءني زيد إلا راكبًا". ومثال قصر التمييز: "ما طاب زيد إلا نفسًا"، و"ما طاب نفسًا إلا زيد". - المصنف.
(٢) ديوان السموأل، ص ٩١.
(٣) السكري: شرح ديوان كعب بن زهير، ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>