للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضبط كثير من أمور دينهم، وتغلب العادات والاصطلاحات عليهم في شؤون مجتمعهم. فإذا نظرنا إلى الزكاة وجدنا أهلَ كل بلد لا يضبطون مقدارَ النقود الرائجة عندهم من الذهب والفضة بمقدار الدينار والدرهم الشرعي، ولا يضبطون مقاديرَ المكاييل الرائجة عندهم بما هو المطلوبُ في إخراج الزكاة، داخلين في ذلك كله على التسامح ومحكِّمِينَ الأسماءَ دون المسمَّيَات والألفاظَ دون المعاني.

[المخالفة في مقادير المكاييل المستعملة في كثير من بلاد المسلمين ومقادير المكاييل الشرعية]

كان الاختلافُ في مقادير المكاييل وفي تقديرها على المكيال المعتبر شرعًا من القدم مما اختلف فيه علماءُ الإسلام اختلافًا نشأ عن إهمالِ العمل بالمكاييل الشرعية في كثير من الأقطار. لقد كانت هذه المعضلةُ من المسائل التي دارت بين الإمام مالك بن أنس وأبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة رحمهم الله.

قال عياض في المدارك: "سأل أبو يوسف مالكًا عن الصاع، فقال مالك: خمسة أرطال وثلث، فقال: ومن أين قلتم ذلك؟ فقال مالك لبعض أصحابه: أحضروا ما عندكم من الصاع، فأتى أهلُ المدينة أو عامَّتُهم من المهاجرين والأنصار وتحت كل واحد منهم صاع. فقال: هذا صاع ورثته عن أبي عن جدي صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [فقال مالك: هذا الخبر الشائع عندنا أثبتُ من الحديث]. فرجع أبو يوسف إلى قوله"، (١) يعني: وقد كان يقول بقول أبي حنيفة: إن الصاع النبوي ثمانية أرطال. فلذلك كان المنقولُ عن أبِي يوسف في الفقه الحنفي أنه قال: الصاعُ خمسةُ أرطال وثلث، خلافًا لأبِي حنيفة. (٢)


(١) اليحصبي: ترتيب المدارك، ج ١، ص ٢٢٤.
(٢) الكاساني: بدائع الصنائع، ج ٢، ص ٥٦٧. وما كان يقول به أبو حنيفة هو كذلك قولُ محمد بن الحسن الشيباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>