للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكثير مما بيد المسلمين من الأسرى، وذلك كلَّف المسلمين إنفاقَ ذهب كثير لفداء أسرى المسلمين من أيدي البندقيين والجنويين والإسبنيول.

وبإجالة نظرة واسعة على حالة المسلمين في القرن الحادي عشر يظهر للناظر أن لَمَّ شَعت المسلمين قد أصبح أمرًا عسيرًا، وأن تجديد أمرها بمعناه الكامل أوشك أن يكون متعذرًا، وأن حالة التجديد لم يبق مطمعٌ فيها إلا أن تكون بمنزلة التنفيس على الأمة من أضرار حائقة، ونوائب حالقة.

كان أمرُ الدين حينئذ في أشد الحاجة إلى استتباب الأمن برًّا وبَحرًا، وإلى تفوق حربي أو صلح سياسي تلم به بلادُ الإسلام شعثَها، لتسلم من الرزايا، وتستبقي مالها، ويقبل أهلُها على العلم والعمل، فهي أحوجُ شيء إلى ذلك.

[[المائة الثانية عشرة]]

ففي ظلمات هذه الفتن، بزغ نورٌ في مقر الخلافة باعتلاء السلطان مصطفى الثاني ابن السلطان محمد الرابع عرشَ السلطنة في جمادى الثانية سنة ١١٠٦ هـ. (١) وصادف أن كانت الدولةُ استراحت من مزاحمة الدولة الفارسية إثر وفاة الشاه عباس، ثم بانعقاد الصلح بين الدولتين في سنة ١٠٤٩ هـ.

وقد دعت السلطانَ أوصافُه الجليلة إلى العمل للم شعث الدولة، فقاد الجيوشَ بنفسه، وانتصر انتصاراتٍ على البولونيين والروس والمجر، أعادت للدولة حسنَ سمعتها في الحروب، ووفق الله هذا السلطان إلى اختيار وزير صالح وهو الوزير حسين باشا كوبرلي، فأسند إليه الصدارة العظمى سنة ١١٠٩ هـ. (٢) ولما


(١) هو السلطان مصطفى خان الثاني ابن السلطان محمد الرابع، ولد سنة ١٠٧٤/ ١٦٦٤، وهو السلطان الثاني والعشرون في سلسلة سلاطين الدولة العثمانية. تولى الحكم سنة ١١٠٦/ ١٦٩٥، ودامت ولايته نحو تسع سنوات، وخلفه في الحكم أخوه أحمد الثالث سنة ١١١٥ هـ.
(٢) محمد باشا كوبريللي Mehmet Koprulu من أصول ألبانية على ما يبدو، حيث ولد سنة ١٥٨٣ في إحدى القرى الألبانية بالقرب من مدينة بيرات أو المدينة البيضاء (Berat) الواقعة على نهر =

<<  <  ج: ص:  >  >>