للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكليم الله لموسى - عليه السلام - (١)

قد أعلمنا الدليلُ بأن الله تعالى يستحيل عليه سمات (٢) المحدثات من الصوت والجهر ونحوه، وقد أعلمنا أنه كلم موسى تكليمًا، ونحن نعلم أيضًا أن موسى - صلى الله عليه وسلم - كان يومئذ في شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة وقد سمع صوتًا يقول: {يَامُوسَى (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٢) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)} إلى قوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} [طه: ١١ - ٤٤].

فهل يجوز أن يكون هذا الصوت قائمًا بالله تعالى؟ حاش لله، لم يكن الله أن يقوم به صوت. وموسى قد سمع صوتًا، سمعه بأذنه الحادثة، فهل يكون ذلك هو الكلام النفسي القديم؟ أم هل يكون موسى قد سمع ذلك بقلبه؟ كلا! لو كان ذلك لم يفْضُل موسى - صلى الله عليه وسلم - على النحلة التي أوحى الله إليها {أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [النحل: ٦٨].


(١) لم يتسن لنا الحصولُ على أصل هذا المقال سواء مخطوطًا بيد المصنف أو في الصورة التي نشر بها أول مرة، ولا ندري على وجه التحديد في أي من المجلات التي اعتاد المصنف التعامل معها نشر هذا المقال. ولذلك اعتمدنا في ضبط نصه على كتاب "تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة" الذي اشتمل على اثنتين وعشرين مقالة متفاوتة الحجم وموزعة على قسمين: الأول في القرآن، والثاني في السنة، جمعها وقدم لها نجل المصنف الأستاذ عبد الملك ابن عاشور عليه رحمة الله. وقد نشرته ابتداءً الدار التونسية للنشر والمؤسسة الوطنية للكتاب بالجزائر سنة ١٩٨٥، ثم نشرته حديثًا دار السلام بالقاهرة سنة ١٤٢٨/ ٢٠٠٧).
(٢) كذا في النسخة التي لدينا، ولعل الأولى أن يقال: "الصفات" أو "صفات".

<<  <  ج: ص:  >  >>