إلى ابني العزيز الشيخ سيدي محمد الشاذلي ابن القاضي - المدرس من الطبقة الأولى وصاحب المجلة الزيتونية - حفظه الله تعالى، تحية طيبة مباركة.
قد اطلعتُ على الإشكال الذي ورد إليكم من الشيخ ابن باشير الرابحي الإمام ببلدة الزحاوة من القطر الجزائري الذي يقول فيه:"لقد جاء في الجزء ٢ من المجلد ٣ صفحة ٦٠ في المقال المعنون "لا عزاء إلا في ثلاث" ما نصه: "ولم يسمع إطلاق لفظ العزاء على معنى التعزية. وقد قال شرف الدين النووي في كتاب تهذيب الأسماء واللغات خلاف ذلك ولفظه: والعزاء اسم أقيم مقام التعزية وعزاه للأزهري"، اهـ. بالحرف.
وقد رأيته حقيقًا بالإشكال لما وقع في كلام النووي من الاختزال، فصاغ به كلام الأزهري على غير مثال.
اعلم أن كلمات أئمة اللغة قد أطبقت على أن العزاء اسم بمعنى الصبر، وهو من الناقص البائي. وفعله كرضي، ولم يُسمع مصدره القياسي أي بوزن رضي كأنهم
(١) المجلة الزيتونة، المجلد ٣، الجزء ٦، ربيع الثاني ١٣٥٨/ جوان [يونيو] ١٩٣٩ (ص ٢٩٣ - ٢٩٤). كتب المصنف هذا التحقيق جوابًا على استشكال من الشيخ باشير الرابحي (إمام وخطيب جامع سيدي محمد ببليدة الزحاوة بالجزائر) في خطاب بعث به إلى الشيخ محمد الشاذلي ابن القاضي رئيس تحرير المجلة، وذلك بخصوص ما قرره المصنف (في مقال "لا عزاء بعد ثلاث") من أنه "لم يسمع في كلام العرب إطلاق لفظ العزاء على معنى التعزية". واحتج صاحبُ الاستشكال بما قاله النووي في كتاب الأسماء والصفات: "والعزاء اسم أقيم مقام التعزية"، وعزاه (أي النووي) للأزهري. وقد نشر محرر المجلة الخطاب المشار إليه وأتبعه بجواب المصنف عليه. ومع أن هذه المقالة هي أدخلُ في باب التحقيق اللغوي، إلا أننا أدرجناها هنا لاتصالها بالمقال السابق.