للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلِيمٌ بِتَنْزِيلِ الْكَلَامِ مُلَقَّنٌ ... ذَكُورٌ لِمَا سَدَّاهُ أَوَّلَ أَوَّلَا

يَبُذُّ قَرِيعَ الْقَوْمِ فِي كُلِّ مَحْفَلٍ ... وَإِنْ كَانَ سَحْبَانَ الْخَطِيبَ وَدَغْفَلَا

تَرَى خُطَبَاءَ الْقَوْمِ يَوْمَ ارْتِجَالِهِ ... كَأَنَّهُمْ الْكِرْوَانُ عَايَنَ أَجْدَلَا (١)

وكذلك معرفة ما يكثر الدعاء إليه، مثل منافع المدنية ومنافع التعليم، ومثل استحضار الخطيب السياسي لعلائق الأمم وتواريخ حوادثها، ولذكر مفاخر أمته ودولتها، واستحضار ما يذهب به عن سياسته ممن ينتقدها.

[الخطيب]

يتعلق الكلامُ على الخطيب بأمرين: أحدُهما شروطُه، وثانيهما عيوبُه، لتحصل من معرفتهما ما يجب اتباعه وما يتعين عليه تركه. أما شروطه فكثيرة، منها ما يرجع إلى ذهنه، ومنها ما يرجع إلى ذاته. فأما شروط الخطيب الراجعة إلى ذهنه، فقد أرجعها أرسطو في كتابه في الخطابة إلى ثلاثة أشياء، هي كالأصول لها. أولها معرفة الأقوال التي يحصل بها الإقناع، وثانيها معرفة الأخلاق والفضائل الذاتية، وثالثها


(١) المراد بالملقَّن النبيهُ حتى كأنه يلقنه غيره ما يقول من شدة بداهته، وهذه شنشنة للعرب أنهم يسندون المواهب العقلية لقوات خفية، كقولهم "رجل محدَّث" إذا كان بصيرًا بالعواقب، وقولهم إن للشاعر رئيا يملي عليه، وقولهم في القرآن إنه سحر أو حديث الجن. والقريع الغالب والفحل. ودغفل هو ابن حنظلة النسابة من بني شيبان، كان من البلغاء الخطباء، وقد ذكره الجاحظ في كتاب البيان في مواضع. والكروان طائر كثير الخوف، والأجدل الصقر، وسحبان هو بفتح السين ابن زفر بن إياس الوائلي، أشهر الخطباء كان يضرب به المثل في البيان أدرك الإسلام وتوفي سنة ٥٤ هـ. قيل كان إذا خطب لا يعيد كلمة، ولا يتوقف، وكان معاوية - رضي الله عنه - يميل إليه ويحضره في مجامع الكلام ولقاء الوفود. - المصنف. انظر الأبيات في: البيان والتبيين، ج ١/ ١، ص ٢٢٩؛ المرزباني، أبو عبيد الله محمد بن عمران: معجم الشعراء، مطبوع مع كتاب المؤتلف والمختلف لأبي الحسن الآمدي، تحقيق سالم الكرنكوي (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤٠٢/ ١٩٨٢، مصور عن طبعة مكتبة القدسي)، ص ٤٨١ (وفيه "بتلقين" بدل "بتنزيل"، و"مشهد" عوض "محفل"، و"أبصرن" مكان "عاين"). وانظر الخبر في الجاحظ: كتاب الحيوان، ج ٦، ص ١٥٢ (بدون أبيات الشعر). والشاعر هو مكي بن سوادة البرجمي البصري، ذكره المرزباني، ولم أقف من أخباره على أكثر من ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>