القاموس من قبل صاحب التاج، وأنه لم يطلع على كلام السيرافي ولا على كلام ابن هشام. وبعد فإن كلام القاموس منتقَدٌ من أربع جهات:
الأولى: أنه اقتصر على الاستعمال الغريب الذي ثنى به السيرافي، ولم يذكر الاستعمال الخلي عن حرف أن الذي ابتدأ به السيرافي.
الثانية: أنه جعل المستفاد منه المبالغة في التكثير وهذا لم يدعه أحد، وإنما هو يفيد أصل التكثير.
الثالثة: أنه خص ذلك بالإخبار عن أحوال الناس لقوله: "عن أحد" مع أن ذلك لم يخصصه الذين تكلموا على معناه فهو يأتي في الإخبار عن أحوال الناس وعن أحوال الأشياء، كما في بيت مالك بن أسماء.
الرابعة: أنه ذكره في معاني ما، فأنبأنا بأنه جعل منشأ معنى الكثرة من حرف ما، وهو يخالف تفسيرَ الأئمة ويخالف ما فسره هو نفسه، إذ قال:"أي أنه مخلوق من أمر"، وجعل مفاد "ما" مبهمًا يبينه ما بعده من الفعل. فكان حقُّه أن يذكره في معانِي "من"، كما فعل ابن هشام في مغني اللبيب، والغفلات تعرض للأريب.
[تذييل]
ينبغي التنبيه إلى أن هذا التركيب إذا استعمل هذا الاستعمال يجيء في موضع خبر المبتدأ، كما في بيت أبي حية وبيت مالك بن أسماء، ويجيء في موضع خبر كان كما في حديث ابن عباس في البخاري ومسلم وحديث البراء بن عازب في مسند ابن أبي شيبة، ويكون في موقع الحال كما في حديث رافع بن خديج. فمن ظن اختصاص ذلك بخبر كان فقد وهم.
والتنبيه إلى أن أصل استعماله في المعنى أن لا يصرح معه بلفظ الكثرة، فما وقع فيه لفظ كثير فهو جارٍ مجرى التفسير من الراوي أو مجرى التأكيد من القائل لخفاء دلالة التركيب على التكثير، ومثاله قول سمرة بن جندب: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني