للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استغنوا بالاسم عن المصدر. وأطبقت على أن العزاء يُطلق في مادة أخرى مصدرًا لفعل عزا الناقص الواوي (ويأتي أيضًا يائيًّا بقلة)، وذلك بمعنى النسبة، يقال: عزوت هذه القصيدة إلى فلان عزوًا وعزاء.

وقد رُوي حديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ لم يتعزَّ بعزاء الله فليس منا". قال ابن مكرم في لسان العرب: "أي من لم يَدْعُ بدعوى الإسلام فيقول: يا لله، أو يا للمسلمين"، يعني أنه من عزا الواوي، فالمراد النهي عن الاستصراخ بالقبائل وهو دعوى الجاهلية. ثم قال: "قال الأزهري: له وجهان (يعني لمعنى الحديث): أحدهما أن لا يتعزَّى بعزاء الجاهلية ودعوى القبائل، ولكن يقول: يا للمسلمين. . . والوجه الثاني أن معنى التعزِّي في هذا الحديث التأسّي والصبر. ومعنى بعزاء الله، أي: بتعزِية الله إياه، فأقام الاسمَ مُقامَ المصدر الحقيقي، وهو التعزية من عزَّيْتُ، كما يقال: أعطيته عطاء، ومعناه أعطيته إعطاء". (١) وقريبٌ منه في النهاية لابن الأثير غير معزوٌّ إلى الأزهري. (٢)


(١) ابن منظور: لسان العرب، ج ١٥، ص ٥٣. هذا وقد أورد الحديثَ محل الشاهد أبو عبيد والزمخشري والبغوي وابن الجوزي بدون إسناد، ولم يخرجه محققو كتبهم، وساق البغوي الشرح نفسه المنسوب للأزهري. الهروي، أبو عبيد القاسم بن سلام: غريب الحديث (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ٢، ١٤٢٤/ ٢٠٠٣)، ج ١، ص ١٨٢؛ الزمخشري: الفائق في غريب الحديث، ج ٢، ص ٤٢٥؛ البغوي، الحسين بن مسعود: شرح السنة، تحقيق زهير الشاويش وشعيب الأرنؤوط (بيروت: المكتب الإسلامي، ط ٢، ١٤٠٣/ ١٩٨٣)، "باب التعزي بعزاء الجاهلية"، ج ١٣، ص ١٢١؛ ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد: غريب الحديث، تحقيق عبد المعطي أمين قلعه جي (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٩٨٥)، ج ٢، ص ٩٤.
(٢) ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري: النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ)، ج ٣، ص ٢٣٣. وكذلك نشرة دار الكتب العلمية، ج ٣، ص ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>