للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقصرَ وقوعَ الطعن على الكون في نحورهم. وكالحال المخصصة للمسند إليه نحو: إنما الشاعر زهير راغبًا، إذا أردت قصرًا ادعائيًّا في حالته هذه، لقولهم: "زهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا طرب، وعنترة إذا ركب". (١) وكالظروف في قول عمر بن أبي ربيعة:

فَقَالَتْ وَأَلقَتْ جَانِبَ السِّتْرِ إِنَّمَا ... مَعِي فَتَحَدَّثْ غَيْرَ ذِي رِقْبَةٍ أَهْلِي (٢)

أي: إنك لا تتحدث الآن إلا معي، فقل ما شئت.

فالمخصوصُ بشيء يُسمَّى مقصورًا، والمخصوصُ به شيءٌ يُسمَّى مقصورًا عليه. والمقصور هو الذي لا يتجاوز المقصورَ عليه لغيره، والمقصور عليه هو الذي لا يشاركُه غيرُه في الشيء المقصور. فالاختصاصُ والحصرُ مترادفان.

والقصرُ إما قصرُ موصوفٍ على صفة، بمعنى أن لا يتجاوز الموصوفُ تلك الصفة إلى صفة أخرى، وإما قصرُ صفةٍ على موصوف. والمرادُ بالصفة والموصوف هنا الحكمُ والمحكوم عليه، لا الصفة المعروفة في النحو.


(١) وقال ابن رشيق أثناء الحديث عن مشاهير الشعراء: "وكان الحذاق يقولون: الفحول في الجاهلية ثلاثة، وفي الإسلام ثلاثة متشابهون: زهير والفرزدق، والنابغة والأخطل، والأعشى وجرير. وكان خلف الأحمر يقول: أجمعهم الأعشى، وقال أبو عمرو بن العلاء: مثله مثل البازي، يضرب كبير الطير وصغيره، وكان أبو الخطاب الأخفش يقدمه جدًّا، لا يقدم عليه أحدًا. وحكى الأصمعي عن ابن أبي طرفة: كفاك من الشعراء أربعة: زهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا طرب، وعنترة إذا كلب، وزاد قوم: وجرير إذا غضب. وقيل لكثير أو لنُصيب: من أشعر العرب؟ فقال: امرؤ القيس إذا ركب، وزهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا شرب. وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يقدم النابغة ويقول: هو أحسنهم شعرًا، وأعذبهم بحرًا، وأبعدهم قعرًا". القيرواني: العمدة، ج ١، ص ١٠٠.
(٢) ديوان عمر بن أبي ربيعة، نشرة بعناية بشير يموت (بيروت: المكتبة الوطنية، ط ١، ١٣٥٣/ ١٩٣٤)، ص ٢٠٤. وفيه "وأرخت" بدل "ألقت".

<<  <  ج: ص:  >  >>