للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أظهر بشارٌ تشيّعَه للأمويين في قصيدته التي طالعها: "جَفَا وِدُّهُ فَازْوَرَّ أَوْ مَلَّ صَاحِبُهْ" (١)، والقصيدة التي طالعها: "أَأَحْزَنَك الأُلَى ظَعَنُوا فساروا" (٢). فهو أقربُ إلى أبي عَطاء السِّنْديّ (٣)، إلا أن أبا عطاء ترك قولَ الشعر عند ظهور الدولة العباسية، وبشارًا قَلَبَ ظهْرَ المِجَن، فصانع العباسيين. وقد عُدّ بشار أولَ المولدين وآخِرَ المتقدمين من الإسلاميين، هكذا يقول أهل الأدب، ولقبه في العُباب (٤) بأبي المحدثين.

وأنَا أُبَيِّنُ لك وجهَ هذا الحكم: اعلمْ أن الشعراء الذين طوّروا الشعرَ فيما عُرِف من أزمان تاريخ الشعر العَربي قبل بشار (٥) هم: المُهَلْهل، وامرؤُ القيس،


= الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٦٧٦ (نشرة الحسين)؛ المختار من شعر بشار، ص ٢٩٦؛ الحصري القيرواني، أبو إسحاق إبراهيم بن علي: زهر الآداب وثمر الألباب، تحقيق يوسف علي طويل (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٤١٧/ ١٩٩٧)، ج ١، ص ٣٨٠. ويبدو أن المصنف عليه رحمة الله سها عن ضم هذه الأبيات إلى ما حققه من شعر بشار، فإني لم أعثر عليها فيه بما في ذلك الملحقات التي تكون الجزء الرابع. وكذلك لم يدرجها مهدي محمد ناصر الدين في نشرته لشعر بشار بعنوان ديوان بشار بن برد (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٣/ ١٩٩٣).
(١) وتمام البيت: "وَأَزْرَى بهِ أَنْ لَا يَزَالَ يُعَاتِبُهْ". وهو من قصيدة من خمسة وثمانين بيتًا من بحر الطويل، ذكر أبو الفرج أن بشارًا قالها في مدح يزيد بن عمر بن هبيرة. وجاء في الديوان أنه قالها في مدح مروان بن محمد بن مروان آخر خلفاء بني أمية (وهو الملقب بالحمار لحرونه وبسالته في الحرب لا يتزحزح) وفي مدح قيس عيلان من قبائل العرب المضرية. الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ٣، ص ٢٣٦ - ٢٣٧ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ١/ ٣، ص ٧١٠ (نشرة الحسين). وانظر القصيدة كاملة في: ديوان بشار بن برد، ج ١/ ١، ص ٣٢٥ - ٣٤٠.
(٢) وعجز البيت: "أَجلْ فَالنَّوْمُ بَعْدَهُمْ غِرَارُ"، والقصيدة تشتمل على أربعة وسبعين بيتًا من بحر الوافر. ديوان بشار بن برد، ج ٢/ ٣، ص ٢٢٣ - ٢٣٣.
(٣) واسمه مرزوق، وهو من موالي أسد بن خزيمة، وكان في لسانه لثغة. انظر أخباره في الأصفهاني: كتاب الأغاني، ج ١٧، ص ٣٢٧ - ٣٤٠ (نشرة القاهرة)؛ الأغاني، ج ٦/ ١٧، ص ٤٩٩ - ٥٠٨ (نشرة الحسين).
(٤) "العباب شرح أبيات الآداب" لشرف الدين حسن بن صالح العدوي اليمني، شرح على أبيات كتاب الآداب لمجد الملك بن شمس الخلافة. مخطوط بمكتبتي. - المصنف.
(٥) أما الذين طوروا الشعرَ بعد بشار، فأبو تمام، وأبو الطيب المتنبي، وأبو العلاء المعري، والوشاحون من الأندلسيين. - المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>