للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك في المقامة العشرين (١). ثم القارئ والمنتخب والمدرس أمراء أنفسهم في الاختيار.

ولو ذهبنا ننتخب من خلق الشاعر ما لا يروق لدينا من صورة حاله وعقله، لكثرت للشاعر الواحد صورٌ بكثرة الناحتين واختلاف أذواق الناشرين، فإن هذا لا يُضبط بحد، فيوشك أن نعمد إلى الشعر فنحذف منه غزله، إذ معظمه لا يخلو من عروض الاستحياء بقارئه بمحضر مختلفي الصنف والسن.

فلو نفرض أن وَلدَ ابن الوردي (٢) حين قال له أبوه في لاميته: "اعتزِلْ ذِكْرَ الأغاني والغزل"، أراد أن ينشر ديوانَ بشار أو ديوانَ عمر بن أبي ربيعة على طريقة


= أي شتته وفرقه. وشعب الصدع: إصلاحه، والشَّعْب: الصدع الذي يحدثه الشَّعَّاب، وهو الملئِّم وحرفته الشِّعابة. وقد استخدم المصنف هنا الفعل بمعنى الإصلاح والملاءمة.
(١) الحريري: مقامات الحريري، ص ١٩٩ - ٢٠٤ (المقامة الفارقية).
(٢) سبقت ترجمة ابن الوردي. أما قصيدته اللامية فأولها: "اعتزل ذكر الأغاني والغزل"، وفي بعض الروايات "الغواني" بدل "الأغاني"، ولعله أولى وأنسب بالسياق. ومما جاء فيها:
اعْتَزِلْ ذِكْرَ الغَوَانِي وَالغَزَلْ ... وقُلِ الفَصْلَ وجَانِبْ مَنْ هَزَلْ
وَدَعِ الذِّكْرَ لأَيَّامِ الصِّبَا ... فَلأَيَّامِ الصِّبا نَجْمٌ أَفَلْ
مُلْكُ كِسْرَى عَنْهُ تُغْنِي كِسْرَةٌ ... وَعَنِ البَحْرِ اجْتِزَاءٌ بِالوَشَلْ
اطْرَحِ الدُّنْيَا فَمِنْ عَادَتِهَا ... تَخْفَضُ العَالِي وَتُعْلِي مَنْ سَفُلْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا تَقُلْ أَصْلِي وَفَصْلِي أَبَدًا ... إِنَّمَا أَصْلُ الفَتَى مَا قَدْ حَصَلْ
قَدْ يَسُودُ المَرْءُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ... وَبِحُسْنِ السَّبْكِ قَدْ يُنْفَى الزَّغَلْ
إِنَّمَا الوَرْدُ مِنَ الشَّوْكِ وَمَا ... يَنْبُتُ النَّرْجَسُ إِلَّا منْ بَصَلْ
قِيمَةُ الإِنْسَانِ مَا يُحْسِنُهُ ... أَكْثرَ الإِنْسَانُ مِنْهُ أَمْ أَقَلْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَانِبِ السُّلْطَانَ وَاحْذّرْ بَطْشَهُ ... لَا تُعَانِدْ مَنْ إِذَا قَالَ فَعَلْ
إِنَّ نِصْفَ النَّاسِ أَعْدَاءٌ لِمَنْ ... وَلِيَ الأَحْكَامَ هَذَا إِنْ عَدَلْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>