والديوان يظهر أن أصلَ جمعه وقع بقرب زمان المهدي العباسي؛ لأن جامع الديوان يذكر في أوائل القصائد التي مدحه بشار بها ثناءً ودعاء لأمير المؤمنين المهدي من نوع ما تحلّى به الخلفاء في حياتهم، كقوله:"وقال الإمام المهدي القائم بأمر الله أمير المؤمنين - رضي الله عنه -"، انظر ورقة ٢٦٥. ولم يذكر الأغراض التي فيها القصائد إلا نادرًا.
والظاهر أنه مجموع من رواية يحيى بن الجَون العبدي المعدود من رواة بشار، إذ قد وقع في الورقة ١٠٧ من الديوان ما نصه:"وقال أيضًا، ويقال لأبي همام الباهلي، زعم يحيى بن الجون".
وهذه النسخة يظهر أنها نُقلت عن أصل صحيح، إلا أن خطه غير واضح تمام الوضوح. ويظهر أن ناسخَها تثبَّت غايةَ جهده ومبلغَ علمه، إلا أنه لم يكن له حظٌّ قويٌّ في اللغة والأدب العربي، فلذلك كان يوقع تحريفًا ولحنًا في غريب الألفاظ، فيكتبها على مبلغ علمه وما يسبق إلى فهمه من صور الألفاظ الغريبة. وقد أخطأ في ضبط الكلمات خطأ يدل على ضعفه في النحو، وفي كثير من الأخطاء ما يوقع حيرة للناظر، فالله يسامحه ويرحمه.
ولولا ممارستي لأدب العرب والشعور بمآخذ بشار ومراميه في شعره لعسر عليَّ إصلاحُ كثير من تلك الأغلاط. وقد يترك في البيت موضعُ كلمة أو أكثر بياضًا، وهو ملازم لوضع نقطتين تحت الإمالة، وكثيرًا ما يكتب بالألف ما حقُّه أن يُكتب إمالة والعكس. وهذا الجزء يشتمل على ستة آلاف وستمائة وثمانية وعشرين بيتًا، باعتبار عد أشطار الرجز، منها نيفٌ وعشرون بيتًا مكررة متفرقة.
وقد كنتُ منذ سنين طويلة عزمت على نشر هذا المقدار من الديوان، ورأيت أن ألحق به ما وجدتُه فيما طالعته من كتب الأدب مما نُسب إلى بشار، فجمعت ذلك، فتحصل لي من ملحقات الديوان ما يقارب ألف بيت، وأفردت تلك الملحقات بجزء، وأشرت إلى مستندي في نسبة تلك الملحقات إلى بشار.