للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تاريخ بغداد للحافظ البغدادي في ترجمة بشار أنه دخل على المهدي يعزيه على البانوقة، فقال له: "يا ابنَ مَعدِنِ الملك، وثمرة العلم، إنما الخلقُ للخالق، وإنما الشكرُ للمنعم، ولا بُدَّ مما هو كائن، كتابُ الله عِظتُنا، ورسول الله أُسوتنا، فأية عِظَةٍ بعد كتاب الله، وأية أسوة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مات فما أحسن الموت بعده". (١)

ومن سجعه في كتاب غرر الخصائص الواضحة: "وقال بشار: لقد عشتُ في زمانٍ وأدركتُ أقوامًا لو اختفلتِ الدنيا ما تجمَّلْتُ إلا بهم، وأنا الآن فِي زمانٍ ما أرى فيه عاقلًا حصيفًا، ولا فاتكًا ظريفًا (٢)، ولا ناسكًا عفيفًا، ولا جوادًا شريفًا، ولا خادمًا نظيفًا، ولا جليسًا خفيفًا، ولا مَنْ يساوي على الخبرة رغيفًا، وأنشد:

فَمَا النَّاسُ بِالنَّاسِ الَّذِينَ عَرَفْتُهُمْ ... وَلَا الدَّارُ بِالدَّارِ الَّتِي كُنْتُ أَعْرِفُ" (٣)

وحسبك من مكانته في النثر أنه مع كونه أعمى لم يستغن الأمراء عن جعله في زمرة الكتاب، ذكر ابن رشيق في كتاب العمدة في الباب الأول أن بشارًا كان من كتاب الأزِمَّة (٤)، وقد تقدم ذلك في ذكرِ مكانته لدى الأمراء.


(١) الخطيب البغدادي: تاريخ مدينة السلام، ج ٧، ص ٦١٦. وقد جاء اسم ابنة المهدي فيه البانوجة بدل البانوقة.
(٢) لفظ "ظريفًا" زيادة من نسخة الكتاب المطبوعة لم يوردها المصنف.
(٣) الوطواط: غرر الخصائص، ص ٢١١ - ٢١٢؛ في نسخة الكتاب المطبوعة: "عهدتهم" بدل: "عرفتهم". والبيت لهُدبة بن خشرم (شاعر فصيح من بادية الحجاز توفي سنة ٥٠/ ٦٧٠، ترجم له أبو الفرج ولم يذكر هذا البيت فيما ذكر من شعره. الأغاني، ج ٧/ ٢١، ص ٦٦٥ - ٦٧٧)، وهو من قصيدة مطلعها كما أنشده الميداني في معرض حديثه عن المثل القائل: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه":
ظَنَنْتُ بِهِ خَيْرًا فَقَصَّرَ دُونَهُ ... فَيَا رُبَّ مَظْنُونٍ بِهِ الخَيْرُ يُخْلِفُ
الميداني: مجمع الأمثال، ج ١، ص ١٣١.
(٤) القيرواني: العمدة، ج ١، ص ١٩. وأزمة: جمع زِمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>