للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراتبَ العلماء فعرف مَنْ يستحق أن يُؤخذ عنه العلم. ولم تظهر كتبُ أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.

وقد قيل إن عبد الملك بن جريج (١) ألف كتابًا في تفسير آيات وذَكَرَ آثارًا، فقيل إنه أولُ كتاب أُلِّف في الإسلام، ومات سنة ١٤٩ هـ. قال ابن حجر: "أولُ مَنْ جمع الحديث الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهما، (٢) كانوا يصنفون كلَّ بابٍ على حدة"، (٣) ولم يظهر شيء مما كتباه.

وتبعت أثر ذلك المذاهبُ والنحل، وحدثت الأحزابُ في مسألة الخلافة وغيرها، ودخل في المسلمين كثيرٌ من المتظاهرين بالدين يكيدون إليه في السر ويُسِرُّون حَسْوًا في ارتغاء، (٤) فلم يجدوا سبيلًا لترويج مذاهبهم إلا سلكوها. وأكبرُ ذلك وأهَمُّه عندهم الاحتجاجُ لِمذهبهم بِما يُروَى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكثر الكذبُ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، عمدًا، أو جهلًا، أو تحريفًا، أو تقليدًا. فلم يتوانَ أهلُ العلم بالحديث


(١) هو أبو الوليد، وكذلك أبو خالد، عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، المكي، مولى أمية بن خالد القرشي. قال يحيى بن معين: هو مولًى لآل خالد بن أسيد، أصله رومي. ولد - كما قال ابن سعد - عام ٨٠ هـ، وتوفي سنة ١٥٠ هـ، وفي رواية سنة ١٤٧ هـ، وكان قد جاز السبعين. قال عنه الذهبي: الإمام العلامة الحافظ، شيخ الحرم، أبو خالد وأبو الوليد القرشي الأموي المكي، صاحب التصانيف، وأول مَنْ دون العلم بمكة. وقال عنه أحمد بن حنبل: كان من أوعية العلم. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: مَنْ أولُ من صنف الكتب؟ قال: ابن جريج وابن أبي عروبة.
(٢) الربيع هو أبو بكر الربيع بن صبيح السعدي البصري، نسبة إلى سعد العشيرة من الأزديين. أول مَنْ صنّف بالبصرة، كان عابدًا ورعًا، روى الحديث مع ضعف حسب ما قيل عنه. وقد خرج غازيًا إلى السند فمات في البحر، ودفن في إحدى الجزر، عليه رحمة الله. وابن أبي عَرُوبة هو أبو النضر سعيد بن أبي عروبة (واسم أبى عروبة مِهْران)، اليشكري، مولاهم، أحد الأعلام الثقات، معدود في البصريين. احتج به البخاري ومسلم، ووثقه يحيى بن معين وأبو زرعة والنسائي. حصل له اختلاط، وقيل كانت مدة اختلاطه خمس سنين، وقيل ثلاث عشرة سنة، وقيل عشر سنين. توفِّيَ سنة ١٥٦ هـ.
(٣) العسقلاني: فتح الباري، ج ١ (المقدمة)، ص ١٦.
(٤) يقال أُسرَّ بسر حَسْوًا في ارتغاء لِمَنْ يُظهر أمرًا ويريد خلافَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>