للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومضت السِّنُون حتى وردت إِليَّ منذ أشهر نسخةٌ من "الجامع الكبير" بمطبعة المجمع العلمي العراقي في سنة ١٣٧٥ هـ؛ بتحقيق وتعليق الأستاذين الدكتورين مصطفى جواد وحميد سعيد (١). فقدرتُ قدرَ الأستاذين في حسن اختيارهما، وشكرتُ صنيعَهما من إبراز هذا العِلْقِ النفيس، مع التصدير البديع، والتعاليق القيمة، وما تبعها من الفهارس. فما أخذتُ في المطالعة حتى فاجأتني أخطاءٌ وتحريفات، وسقوطُ كلمات أو سطور، وطمعتُ أن أُحصيَها وأقابلها على النسخة المخطوطة، وأبعث بذلك إلى الأستاذين الناشرين لينشراه تبعًا لفهرست الخطأ والصواب التي في المطبوعة.

ولكن اعترض دون ذلك ضيقُ الوقت وتعددُ الأشغال إلى أن طلعت علينا "مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق" في ربيع الآخر المنصرم (٢)، فإذا بها مقالٌ قَيِّمٌ للأستاذ عز الدين التنوخي - عضو المجمع العلمي العربي - لنقد النسخة التي أخرجها الأستاذان، خَتَمه باقتراح طبع الكتاب طبعة ثانية. وأنا أشاطره على ما أبداه من التصويب والاقتراح، وأشاركه بوجوب إعادة طبع الكتاب بعد التحصيل


(١) الصواب جميل سعيد. والدكتور مصطفى جواد (١٩٠٦ - ١٩٦٩)، عالم لغوي ومؤرخ عراقي من أصل تركماني، وهو أحد أهم علماء العربية في القرن العشرين. كتب الكثير من الأبحاث والكتب عن اللغة العربية وتحديثها وتبسيطها. وكان له برنامج مهم في التلفزيون العراقي بعنوان "قل ولا تقل". شغل منصب المشرف على الأساتذة الخصوصيين الذين أشرفوا على تدريس وتثقيف الملك فيصل الثاني ملك العراق. من مؤلفاته كتاب "في التراث اللغوي" وكتاب "دليل خارطة بغداد المفصل" الذي اشترك معه في تأليفه الدكتور أحمد سوسة (مطبعة المجمع العلمي العراقي، ١٩٥٨ م). من اللطائف التي تروى عنه ركوبه إحدى سيارات الأجرة في بغداد، وفي الطريق شغل السائق المذياع فأذيع برنامجه "قل ولا تقل"، فضجر السائق وأغلق المذياع وقال باللهجة العراقية العامية: "أسكت كواد"، فطلب مصطفى جواد من السائق التوقف، ونزل من السيارة وهمس في أذنه: "قل قواد ولا تقل كواد". فسارع السائق للاعتذار، وقبل مصطفى جواد اعتذاره وضحك. كان ذا فكاهة، مع طيبة قلب، ويروي عنه البغداديون الكثير من النوادر. أما شريكه في تحقيق "الجامع الكبير" الدكتور جميل سعيد فلم أعثر له على ترجمة.
(٢) مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد ٣٥، ١٣٨٠/ ١٩٦٠ (العدد ٤، ص ٦٦٦ - ٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>