للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - بصريح حديث البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان.

الثاني: الشفاعة لإدخال قوم من المؤمنين الجنة بغير حساب. وهذه أيضًا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم.

الثالث: الشفاعة في قوم استوجبوا النار، فيعتقهم الله منها.

الرابع: الشفاعة لإخراج المؤمنين من النار بعد أن يعذبوا، على ما اقتضاه حديثُ أنس وأبي هريرة وحذيفة في الصحيحين.

الخامس: الشفاعة لرفع الدرجات في الجنة. (١)

وإطلاقُ اسم الشفاعة على القسم الأخير مجازٌ وتسامح، وإنما هي وساطةٌ ووسيلة لزيادة النفع. وفي كلام عياض ما يدل على أن هذا القسم ليس من خصائص محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ ورد في صحيح الآثار ما ظاهرُه أن الأنبياء والملائكة يشفعون هذه الشفاعة، وبذلك جزم عياض في إكمال مسلم. (٢)

وأما بقية الأقسام، فاختصاصُ رسول الله بالقسم الأول - الذي هو الشفاعة العظمى - وبالقسم الثاني وبالقسم الثالث ثبت بصحيح البخاري التي لا معارضَ لها من مثلها. وأما القسم الرابع، فقد ورد في بعض صحيح الآثار أن الملائكة والأنبياء يشفعون. وبه جزم عياض في الإكمال أيضًا. (٣) ولم يجب عياض عما تضمنه حديثُ الموطأ والصحيحين من اختصاص رسول الله بالشفاعة على الإطلاق.

وأرى أن يكونَ الجوابُ على مجاراة ما جزم به عياض رحمه الله، أن يكون محملُ حديث الموطأ والصحيحين: "أُعْطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ أحدٌ قبلي. . ."، فذكر


(١) راجع في هذه المعاني: اليحصبي: إكمال المعلم، ج ١، ص ٥٦٦. وقارن بما ذكره في كتاب الشفا، ص ١٣٦.
(٢) اليحصبي: إكمال المعلم، ج ١، ص ٥٦٧. هذا وأصل هذا التفصيل لأقسام الشفاعة هو ما قرره الإمام أبو الحسن الأشعري، فانظره في: ابن فورك: مجرد مقالات الأشعري، ص ١٦٧ - ١٧٠.
(٣) اليحصبي: إكمال المعلم، ج ١، ص ٥٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>