للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك تكاملت الفنون، وتقاربت المذاهب، وتحاكت الأنظار بين المبرد وثعلب (١)، واجتمع العلمان - علم البصرة وعلم الكوفة - في أردان ابن كيسان (٢) والأخفش الصغير (٣)، وأمثالهما. وهنالك - في بغداد - انفصل علمُ متن اللغة عن سائر علوم العربية، فاستقل به رجالٌ امتازوا فيه، واختصوا به: المفضل بن سلمة (٤)، وابن السكيت (٥)، وأبو بكر ابن دريد (٦)، وابن خالويه (٧)، وأبو منصور الأزهري (٨)، ووضعوا المصنفات اللغوية السابقة - وخاصة كتاب "العين" - موضع النقد والتمحيص، والإثبات والإسقاط.

وكان القرن الرابع قرنَ انتشار علم متن اللغة - بعد نضجه ببغداد - إلى المشرق وإلى المغرب. اضطلع به رجالٌ بثوه في المشرق، وكانوا مرجعَ الأسانيد المشرقية فيه، مثل الإمام أحمد بن فارس، والصاحب ابن عباد، وآخرون طاروا به إلى المغرب، فكانوا مرجعَ الأسانيد المغربية، وأعظمهم ومقدمهم أبو علي القالي (٩).


(١) ترجمتهما في بغية الوعاة ص ١١ وص ١٤ ط السعادة.
(٢) بغية الوعاة ص ٨.
(٣) بغية الوعاة ص ٢٣٨.
(٤) بغية ص ٣٩٦. - المؤلف. هو أبو طالب المفضل بن سلمة بن عاصم، لغوى، عالم بالأدب، كان من خاصة الفتح بن خاقان وزير المتوكل. من كتبه "البارع" في اللغة، و"الفاخر" في الأمثال، و"ما يحتاج إليه الكاتب" في الإنشاء، و"جماهير القبائل" في الأنساب والتاريخ، و"الاستدراك على العين" في اللغة، و"الملاهي"، و"الطيف"، و"ضياء القلوب" في معاني القرآن، و"الزرع والنبات" و"غاية الأرب في معاني ما يجرى على ألسن العامة من كلام العرب". توفي نحو ٢٩٠/ ٩٠٣. - المحقق.
(٥) بغية ص ٤١٨.
(٦) بغية ص ٣٠.
(٧) بغية ص ٢٣١.
(٨) بغية ص ٨.
(٩) ترجمته في وفيات الأعيان لابن خلكان وإرشاد الأريب لياقوت ونفح الطيب للمقري ص ٨٤ ج ٢ ط الأزهرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>