للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة (١). وقولُه في مبحث الإيجاز في تأويل قوله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: ١٠٢]: "أي تارة أطاعوا وأحبطوا الطاعةَ بكبيرة، وأخرى عصوا وتداركوا المعصيةَ بالتوبة" (٢)، فجعل الكبيرةَ محبطةً للطاعة. وتأوَّل قولَه تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٢] بأن ذلك إذا كان آخرَ أحوالهم التوبة (٣). وشواهدُ كونه من المعتزلة كثيرةٌ في كلامه.

وممن صرَّح بكونه معتزليًّا العلامةُ الشيرازيُّ في شرح القسم الثالث من المفتاح عند قول السكاكي: "وفيما ذكرنا ما ينبه على أن الواقفَ على تمام مراد الحكيم - تعالى وتقدس - في كلامه مفتقرٌ إلى هذين العلمين كلَّ الافتقار" (٤)، قال العلامة الشيرازي: "واعلم أن مذهب المشائخيّ من المعتزلة، أنا نعرف تمامَ مراده تعالى من كلامه، ومذهب غير المشايخي منهم - ومنهم المصنف - أنه لا يمكن. . ." إلخ (٥)، فلا ينبغي جزمُ الأستاذ النجار بأنه كان سُنيا.


(١) راجع مناقشةَ المصنف لهذه المسألة في مستوياتها الفلسفية والكلامية وعرضه مختلف المذاهب فيها في مقال "مسألة خفية من مباحث الفلسفة الإسلامية: وحدة الوجود"، المنشور في القسم الأول من هذا المجموع.
(٢) السكاكي: مفتاح العلوم، ص ٣٩٢.
(٣) هذا الجزء من الآية لم يذكره السكاكي حسب نشرات الكتاب التي بين يدي، وعليه يكونُ ما نسبه المصنفُ إليه من تأول المعنى على أنه "إذا كان آخرَ أحوالهم التوبة" قد جاء على سبيل الاستنتاج بناءً على ما يعهده من الأصول الكلامية التي يستند إليها صاحب "المفتاح".
(٤) المصدر نفسه، ص ٢٤٩.
(٥) المقصود هو قطب الدين محمود بن مسعود بن مصلح الشيرازي، علامة المنقول والمعقول، الفيلسوف، الطبيب، الرياضي، الفلكي. ولد في شيراز سنة ٦٣٤ هـ، وسافر إلى مدينة مراغة حيث عمل في مرصدها مع العالم الفيلسوف نصير الدين الطوسي. توفى الشيرازي سنة ٧١٠ هـ. شرح "حكمة الإشراق" للشهاب السهروردي، وله العديد من المصنفات في الطب والعلوم والفلسفة. كتب شرحًا على كتاب "المفتاح" للسكاكي سماه "مفتاح المفتاح" (لم أطلع عليه، ولا أظنه طبع)، وقد ذكره المصنف قبل هذا ونقل عنه كلامًا طويلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>