للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا قَبَّحَ اللهُ بَنِي السِّعْلَاتِ ... عمرَو بن يَربوعٍ شرارَ النَّاتِ

غَيْرَ أَعِفَّاء وَلَا أَكْيَات (١)

وبعضُ العرب ينطق بالتاء دالًا، يقول في ستار سدار. ومن هذا القبيل عجعجةُ قضاعة، وكشكشة تميم وعنعنتهم (٢). ومن العرب مَنْ يبدل واوَ فُعْلَى ياءً، ويبدل الضمةَ كسرةً للمناسبة، فيقول في طُوبَى طِيبَى، ولا يكاد يستطيع النطقَ بها واوًا، رُوي عن أبِي حاتم قال: قرأ عليّ أعرابِيٌّ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ} [الرعد: ٢٩]، فقال الأعرابي طِيبى، فقلت: طوبَى، فقال: طيبى. فأردت أن أبين له فقلت: طو طو، فقال: طي طي، فأبَى أن يرجع عن لغته (٣).


(١) هذا الرجز لعلباء بن أرقم اليشكري، من بني بكر بن وائل، شاعر جاهلي كان معاصرًا للنعمان بن المنذر. رواه بهذا اللفظ ونسبه إليه أبو زيد الأنصاري: كتاب النوادر في اللغة، تحقيق محمد عبد القادر أحمد (بيروت/ القاهرة: دار الشروق، ط ١، ١٤٠١/ ١٩٨١)، ص ٣٤٤ - ٣٤٥. كما رواه بلفظ "قاتل" بدل "قبح" (ص ٤٢٣). وأورده بدون نسبة ابنُ جني وابن عصفور بلفظ "قاتل"، والأنباري بلفظ "لعن" و"ميمون" بدل "يربوع". الخصائص، ج ١، ٤٣١؛ الأنباري، كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن أبي الوفاء بن عبيد الله: الإنصاف في مسائل الاختلاف بين النحويين البصريين والكوفيين، تحقيق حسن حمد (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٨/ ١٩٩٨)، ج ١، ١١٦؛ الإشبيلي، ابن عصفور: الممتع الكبير في التصريف، تحقيق فخر الدين قباوة (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، ط ١، ١٩٩٦)، ص ٢٥٧.
(٢) العجعجة هي جعل الياء المشددة جيمًا، فيقولون في تميمي: تميمج. وكذا يجعلون الياء الواقعة بعد عين، فيقولون في الراعي: الراعج، وهكذا. وكانت قضاعة إذا تكلموا غمغموا؛ فلا تكاد تظهر حروفُهم، وقد سمى بعضُ العلماء ذلك منهم "غمغمة قضاعة"، وتُنسب العجعجةُ كذلك إلى بعض قبائل تميم. والكشكشةُ إبدالُ الكاف في ضمير المخاطبة إلى شين، كقولهم: "زوجش يحبش"، و"ابنش يطيعش"، أي: زوجكِ يحبكِ، وابنكِ يطيعكِ. وما زال هذا شائعًا حتى الآن في القطيف وقراها. أما العنعنة فهي إبدالُ الألف عينًا، كما حدث لصالح بن سليمان، راوية شعر ذي الرمة، حينما كان ينشد قصيدةً لهذا الشاعر، وأعرابي من بني عدي يسمع، فقال: "أشهد عنّك - أي: أنّك - لفقيهٌ تحسن ما تتلوه". وهي ليست خاصة بأن المفتوحة، بل هي عامة في كل همزة. ومازال يُسمع في بادية جنوب العراق وفي بعض النواحي بتونس مَنْ يقول للقرآن "القرعان".
(٣) ابن جني: الخصائص، ج ١، ص ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>