للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورُوِيَ أن عليًّا - رضي الله عنه - لما رأى اختلافَ جنده قال: "ألا إنما أُكِلْتُ يوم أُكِلُ الثور الأبيض"، يريد أن الاختلافَ ابتدأ ظهورُه من يوم اختلاف الأمة على عثمان - رضي الله عنه -. وأشار بهذا إلى قصةٍ عند العرب، وذلك أنهم زعموا أن أسدًا وثورًا أحمر وثورًا أسود [وثورًا أبيض] اصطحبوا في أَجَمَةَ، فقال الأسد يومًا للثورين الأحمر والأسود: هذا الثور الأبيض يفضحنا بلونه، فلو تركتماني آكله أمِنَّا، فأذنا له في أكله فأكله، ثم قال للأحمر: هذا الأسودُ يخالف لونَنَا فدعني آكله فأذن له فأكله، ثم قال للأحمر لم يبق إلا أنا وأنت وأريد أن آكلك، فقال: إن كنتَ فاعلًا فدعني أصعدْ تلك الهضبة وأصيح ثلاثة أصوات، قال افعل، فصعد وصاح: ألا إنما أُكِلتُ يومَ أُكِلَ الثورُ الأبيض، ثلاثا (١).


= من أهم تصانيفه "شرح الأشعار الستة الجاهلية" (شرح فيه دواوين امرئ القيس، والنابغة الذبياني، وعلقمة الفحل، وزهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، وطرفة بن العبد). وللأسف فإن النشرة المحققة لهذا الشرح لا تحتوي على قصيدة النابغة التي جاءت في سياقها القصة المذكورة، مما يدل على أن محققيه لم يستقصيا كل النسخ المخطوطة الموجودة للشرح، وأن ابن عاشور كانت لديه نسخة أو أكثر تختلف عما اعتمد عليه محققاه. وقد ساق البغداديُّ قصة الحية مفصلة، وذكر قصيدةَ النابغة ثم قال: "وهذه الأبيات موقوفة على سماع حكاية من أكاذيب العرب، قال أبو عمرو الشيباني وابن الأعرابي: ذكروا أن أخوين كانا فيما مضى في إبل لهما، فأجدبت بلادُهما وكان ثريبًا منهما واد يقال له عُبيدان فيه حية قد أحمته"، ثم ساق بقيةَ الحكاية وما جرى من قتل الحية أحدَ الأخوين، ثم اتفاق أخيه مع الحية على ديته، إلى آخر القصة. وعلى هذه القصة بنى النابغة الذبياني قصيدته الهائية يعاتب بني مُرة على إيثارهم وتحالفهم عليه وعلى قومه، واجتماع قومه عليه. انظر: ابن بشكوال: الصلة، تحقيق إبراهيم الأبياري (القاهرة: دار الكتاب المصري/ بيروت: دار الكتاب اللبناني، ط ١، ١٤١٠/ ١٩٨٩)، ص ٦٥٦ (الترجمة ٩٧٦)؛ البغدادي: خزانة الأدب، ج ٨، ص ٤١٥ - ٤١٩؛ ديوان النابغة الذبياني، ص ١٢٩ - ١٣٥ (نشرة ابن عاشور)؛ البطليوسي، الوزير أبو بكر عاصم بن أيوب: شرح الأشعار الستة الجاهلية، تحقيق ناصيف سليمان عواد ولطفي التومي (بيروت: المعهد الألماني للأبحاث الشرقية، ١٤٢٩/ ٢٠٠٨).
(١) ليست هذه القصة في "نهج البلاغة" ولم أجدها فيما راجعته من كتب التراجم والتاريخ، وإنما ذكرها الميداني في المثل ٨١ من أمثاله. الميداني، أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري: مجمع الأمثال، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (القاهرة: مطبعة السنة المحمدية، =

<<  <  ج: ص:  >  >>