للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشِعْرٍ كَنَوْرِ الرَّوْضِ لَاءَمْتُ بَيْنَهُ ... بِقَوْلٍ إِذَا مَا أَحْزَنَ الشِّعْرُ أَسْهَلا (١)

لذلك قال أئمةُ الأدب: إنه لم يكن في زمن بشار بالبصرة غَزِلٌ ولا مغنيةٌ ولا نائحةٌ إلا يَروي من شعر بشار فيما هو بصدده (٢). ومما أقبل بالناس على شعر بشار أنه لم يَقصِرْ نفسه على متابعة المتقدمين من الشعراء في معانيهم، بل أودعه المعاني الحضرية المستجدَّة في عصره، فوصف حالةَ الناس في عصره ومحاسن شرابهم وبستانهم، كما في قوله:

فِي جِنانٍ خُضْرٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ... قَيْصَرِيٍّ حَفَّتْ بِهِ الأَعْنَابُ

فَوْقَهَا مَلْعَبُ الحمَامِ وَيَسْتَـ ... ـنُّ خَلِيجٌ مِنْ دُونِهَا صَخَّابُ (٣)

وضمّنه أحوالَ الناس، كقوله:


(١) ذكر هذا البيت مع أبيات أخر له عبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز، ص ٣٦٨، وقد ذكرتُها في الملحقات. - المصنف. وهذا البيت واحدٌ من ثلاثة في معنى واحد يصف فيها بشار نفسَه وحاله من حيث العلم والمعرفة، والبيتان قبله:
عَمِيتُ جَنِينًا، وَالذَّكَاءُ مِنَ العَمَى ... فَجِئْتُ عَجِيبَ الظَّنِّ لِلْعِلْمِ مَوْئِلَا
وَغَاصَ ضِياءُ العَيْنِ لِلْعِلْمِ رَافِدًا ... لِقَلْبٍ إِذَا مَا ضَيَّعَ النَّاسُ حَصَّلَا
الجرجاني، عبد القاهر: كتاب دلائل الإعجاز، ص ٥١٢ - ٥١٣.
(٢) زيدان، جرجي: تاريخ آداب اللغة العربية، طبعة راجعها وعلق عليها الدكتور شوقي ضيف (القاهرة: دار الهلال، بدون تاريخ)، ج ٢، ص ٥٧.
(٣) البيتان من قصيدة من أربعة وستين بيتًا من بحر الخفيف، قالها بشار في مدح روح بن حاتم، طالعها:
طَرَقَتَنَا بالزَّابيَيْنِ الرَّبَابُ ... رُبَّ زَوْرٍ عَلَيْكَ منْهُ اكْتِئَابُ
وآخرها:
يَابْنَ روحٍ أَشْبَهْتَ رَوْحًا وَمَنْ يُشْـ ... ـبِهْ أَبَاهُ تُتْمَمْ لَهُ الأَنْسَابُ
ديوان بشار بن برد، ج ١/ ١، ص ٣٤٨ - ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>