للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَلَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارُ بِأَنَّنِي ... وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَا

تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا ... أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا (١)

ومما ينتظمُ في هذا السِّلك مواجهةُ المرأة بأن تَسأل عن كرمه، كما قال مضرَّس العبدي:

فَلَا تَسْأَلِينِي وَاسْأَلِي عَنْ خَلِيقَتِي ... إِذَا رَدَّ عَافِي القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرُهَا (٢)

وأما الأمر الثالث فقد تعددت فيه الأغراض، على حسب تعدُّدِ الأحوال التي تتطرق فيها النساءُ إلى محاولةِ صَرْفِ الرجلِ عَنْ عزمه أو خُلُقِه، لرِفْقٍ به أو نحو ذلك. فمن ذلك لومُ المرأة زوجَها على السَّخاء إبقاءً على ماله، كقول ضمرة بن ضمرة النهشلي - وهو شاعرٌ جاهليٌّ - أنشده له أبو زيد في كتاب "النوادر":

بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ فِي النَّدَى ... بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلَامَتِي وَعِتَابِي (٣)

وقولِ النَّمِر بن تَوْلَب:


(١) ديوان لبيد، ص ١١٣. والبيتان من المعلقة.
(٢) البيت هو الثالث من قصيدة من ثمانية عشرة بيت نسبها المفضل لعوف بن ربيعة الأحوص بن جعفر بن كلاب (وينتهي نسبه إلى قيس عيلان) لا مضرس العبدي ها. الضبي: المفضليات، ص ١٦٥. (المفضلية رقم ٣٧). وكذلك أنشده الجاحظ والجوهري لعوف بن الأحوص الباهلي. كتاب الحيوان، ج ٥، ص ١٣٦؛ الصحاح في اللغة، ج ٦، ص ٢٤٣٢. وعوف هذا سماه لبيد بن ربيعة "صاحب ملحوب". انظر كتاب الحيوان، ج ٢، ص ٨ (الحاشية ٧).
(٣) الأنصاري: كتاب النوادر في اللغة، ص ١٤٣. ومما يحكى عن ضمرة - وهو من خطباء بني تميم واسمه كذلك شقة، وكان قصير القامة دمث الخلق - أنه لما دخل على النعمان بن المنذر قال النعمان: "تسمع بالمعيدي لا أن تراه"، فرد عليه بقوله: "أبيت اللعن، إن الرجال لا تُكال بالقفزان، ولا توزن بالميزان، وليست بمسواك يُستاك بها. وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن صال صال بجنان، وإن قال قال ببيان".

<<  <  ج: ص:  >  >>