للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أشار ابن خلدون إلى أن ملكة العربية صحت في إفريقية بجلاء أهل شرقي الأندلس إليها (١)، فأصبحت البلاد التونسية مقصدًا تُشد لها الرحال للأخذ عن هؤلاء الأئمة والتخرج بهم. وشاعت دراسةُ كتب اللغة بتونس على علمائها وحملة روايتها عن أهل الإسناد فيها، بما تضمنته الفهارسُ والبرامج والمشيخات، والرحلات الممتعة المبنية على ذكر الشيوخ والكتب والقراءة والرواية ووصل الأسانيد.

وظهرت في تونس نخبةٌ من المهتمين بعلوم اللغة، من الإفريقيين أصالةً، الآخذين عن الأندلسيين المهاجرين، المتصلين من طريقهم بالأسانيد الأندلسية الأولى. فصارت فهارسُ الرواة الأندلسيين مندرجةً في الفهارس التونسية، وأصبحت أصول الكتب المقروءة المصححة المسندة، آتية إلى تونس من الأندلس أو متكونة فيها. فنجد من عمد الأسانيد اللغوية، الذين انتقلوا من الأندلس إلى تونس: القاضي أحمد بن الغماز البلنسي (٢)، والشيخ محمد بن هارون القرطبي (٣)، والأستاذ أبا جعفر أحمد اللبلي (٤)، والأستاذ أبا عبد الله ابن الأبار البلنسي (٥)، والإمام أبا الحسن حازمًا القرطاجني (٦). وقد سبق أن أخذوا في الأندلس عن أبي القاسم ابن بقي (٧)، وأبي علي الشلوبين (٨)، وأبي الربيع سليمان الكلاعي (٩). فقرئت عليهم أصولُ كتب اللغة بتونس، مرويةً بأسانيدها الأندلسية المثبتة في المشيخات والفهارس، مثل مشيخة ابن حبيش، يرويها ابن الغماز عن الكلاعي عنه، وقد وضع فيه تأليفًا


(١) مقدمة ابن خلدون، ص ٥٦٣ - ٥٦٤. - المحقق.
(٢) الديباج المذهب لابن فرحون ص ٧٦ ط مصر سنة ١٣٢٩.
(٣) فهرس الفهارس ص ٤٢٥ ج ٢.
(٤) الديباج ص ٨٠.
(٥) فهرس الفهارس ص ٩٩ ج ١.
(٦) بغية الوعاة، ص ٢١٤.
(٧) برنامج شيوخ الرعيني تحقيق الأستاذ شبوح دمشق ١٣٨١.
(٨) برنامج الرعيني ص ٨٤.
(٩) برنامج الرعيني ص ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>