للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥]، وقوله: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥]، إلخ.

وهذا النوع من الإجماع هو الذي تثبتُ به قواطعُ الشريعة المعبَّرُ عنها بالمعلومات ضرورة. ولو اقتصرنا على مفردات آيات القرآن والسنة لما ثبتت المعلوماتُ الضرورية من الدين إلا نادرًا؛ لأن معظمَ تلك الأدلة لا تعدو الظنية كما هو مقرر في الأصول عند الكلام على الفرق بين كون المتن قطعيًّا وكون الدلالة قطعية.

فقول المؤلف في صحيفة ١٦: "ولو وجدوا لهم في الحديث دليلًا لقدموه في الاستدلال على الإجماع"، كلامٌ يُتعجَّب من صدوره عن ممارس لعلوم الشريعة حتى يعتقد أن دلالةَ أخبار الآحاد أقوى من دلالة الإجماع، على أنهم كيف يحتاجون للاستدلال مع عدم الاختلاف؟ ولم يُعرفْ خلافُ أحدٍ من المسلمين في وجوب نصب الإمام إلا ما رمز إليه الحرورية يوم التحكيم بعد وقعة صفين، إذ قالوا لما سمعوا التحكيم: "لا حكم إلا لله" كلمة مموهة مجملة، فقال الإمام علي - رضي الله عنه - حين سمعها: "كلمة حق أريد بها باطل" (١).

ولهذا اقتصر إمام الحرمين في الإرشاد على دلالة الإجماع في أمر الإمامة فقال: "ومما تترتب عليه الإمامة القطعُ بصحة الإجماع، وهذا لا مطمعَ في تقريره ها هنا، [وقد ذكرنا في كتاب التلخيص في أصول الفقه ما يدل على صحة الإجماع (٢)]. ولكنا


(١) هذه العبارة جزء من خطبة رد بها علي كرم الله وجهه على الخوارج جاء فيها: "كلمة حق يُراد بها باطل. نعم إنه لا حُكمَ إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إِمرةَ إلا لله. وإنه لا بدَّ للناس من أمير بَرٍّ أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويُجمعُ به الفيء، ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويُؤخذ به للضعيف من القوي، حتى يستريح به برٌّ، ويُستراحَ من فاجر". نهج البلاغة (وهو ما اختاره الشريف الرضي من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -)، شرح الشيخ محمد عبده (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٨/ ٢٠٠٧)، ص ٥٨.
(٢) انظر: الجويني، إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف: كتاب التلخيص في أصول الفقه، تحقيق عبد الله جولم النيبالي وشبير أحمد العمري (بيروت: دار البشائر الإسلامية/ =

<<  <  ج: ص:  >  >>