للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان بيتًا من شعرٍ آخر، فذلك من تقارب البيتين. وإن كان روايةً في البيت الذي رواه المؤلف، فهو عرِيٌّ عن الشاهد في هذه الرواية. وأيًّا ما كان، فلا ينطبق على مسألة هذه المقدمة.

الشاهد الرابع: قوله في ص ٩٨: "قال الشاعر: كم ليلة بتُّ فيها مغتبطًا"، لا يُعرف قائلُه (١). وهو من بحر المنسرح، دخله زحاف الطي مرتين؛ وهو حذف الساكن الثاني في كلمة "بتُّ" وكلمة "مغتبطًا"، ودخلته علةُ التسبيغ وهو زيادة ساكن في جزء مفعولات فصار مفعولاتن. ولعل كلمة "فيها" محرفة عن "بها"، فيصير المصراع رجزًا من الزحاف ومن العلة (٢).


(١) ذكر التنوخي من حفظه إصلاحًا لهذا الجزء من البيت هكذا: "كَمْ لَيْلَةٍ بِتُّ [اللَّيلَ] فِيهَا مُغْتَبِطًا"، ولم يكمله، ولا عزاه. ومع طول البحث والتنقيب لم أجده، وإنما وجدتَ البيت الآتي ولم أعثر له على نسبة:
إِذَا تَمَنَّيْتُ بِتُّ اللَّيْلَ مُغْتَبِطًا ... إِنَّ المُنَى رَأْسُ أَمْوَالِ المَفَالِيسِ
الماوردي: أدب الدنيا والدين، ص ٣٧٩؛ اليوسي، الحسن: زهر الأكم في الأمثال والحكم، تحقيق محمد حجي ومحمد الأخضر (الدار البيضاء: دار الثقافة، ط ١، ١٤٠١/ ١٩٨١)، ج ٣، ص ١٩٢.
(٢) هذا وللأستاذ عز الدين التنوخي تعقيب على ما كتبه المصنف في هذه النظرة، وقد نشر بعنوان "نظرة على هذه النظرة" في الجزء الثاني من المجلد ٣٩ للمجلة نفسها، فراجعه هناك لترى فيه ضروبًا من آداب المناظرة وأخلاق العلماء ودقة المحققين. وقد جاء في مقدمة التعقيب المذكور ما يلي: "بدأ الأستاذ النحرير نظرته بالثناء على ناشر هذه المقدمة ثناءً يدل على ما جُبل عليه من فضل ونبل، وأشهد أن بحث الأستاذ لجليل، وأني ما رأيت من أمثاله في المشرق والمغرب إلا القليل، وقد مضى على نشري لهذه المقدمة النحوية نحو سنتين لم أسمع فيهما عنها إلا الثناء، ولم أر من اهتمّ بها وشاركني في تقويم نصوصها إلا الناقد الجهبذ ابن عاشور، ولولا اهتمامه هذا لما وجدت بَرْد السرور وثلج الصدور، ولكان طويلًا لخلوّ أبناء عصرنا من العرب ممن يهتم من تراث السلف بأمثال هذه المقدمة الخطيرة". وكانت خاتمته قول التنوخي: "ومع كل ذلك فإني لا أملك إلا أن أدعو الله بأن يجزي الأستاذ العلامة محمد الطاهر ابن عاشور عالم المغرب أحسن ما يجزي به الغُيُر على العلم والأدب ولغة قومهم العرب بمنه وكرمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>