للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا موضوع مهم، كان المتقدمون من الأدباء وضعوا له عنوان "لحن الخواص"، وكان الخائضون فيه قديمًا من نقاد الشعر ومن النحاة. وقد تضمن كثيرًا منه كتابُ "الموشح" للمرزباني، وكتاب "أدب الكتاب" لابن قتيبة، وكتاب "درة الغواص" للحريري، وبعض مسائل من كتاب "مغني اللبيب" لابن هشام. وطالمَا كان محلُّ الجدال في نوادي المتأدبين مثل مجلس الصاحب ابن عباد والأستاذ ابن العميد (١). بل ربما نبعت به قرائحُ أهل النقد في المجامع العامة، مثلما وقع لابن شبرمة مع ذي الرمة في رحبة الكناسة بالكوفة حين أنشد ذو الرمة قوله:

إِذَا غَيَّرَ النَّأْيُ المُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْ ... رَسِيسُ الهَوَى مِنْ حُبِّ مَيَّةَ يَبْرَحُ (٢)

فأنكر عليه قولَه: "لم يكد"، وقال له: "يا غيلان، أراه قد برح"، أبهته إبهاتًا ألجأه إلى أن غير قوله: "لم يكد" بأن قال: "لم أجد" (٣).


= والخرافات وغيرها من أنواع المنكرات. وكانت له بعد ذلك رحلات في طلب العلم والدعوة إلى الله منها ما كان إلى بجاية والبليدة.
(١) قال الذهبي: "الوزير الكبير أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد الكاتب، وزير الملك ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمي. كان عجبًا في الترسل والإنشاء والبلاغة، يضرب به المثل، ويقال له: الجاحظ الثاني. وقيل: بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد. وقد مدحه المتنبي فأجازه بثلاثة آلاف دينار. وكان مع سعة فنونه لا يدري ما الشرع، وكان متفلسفًا، متهمًا بمذهب الأوائل، وكان إذا تكلم فقيه بحضرته شق عليه ويسكت، ثم يأخذ في شيء آخر. وكان ابن عباد يصحبه ويلزمه، ومن ثم لقب بالصاحب. مات سنة ستين وثلاثمائة فوزر بعده ابنه أبو الفتح علي وعمره اثنتان وعشرون سنة، وكان ذكيًّا، غزير الأدب، تياها، ولقب ذا الكفايتين، وله نظم رائق، ثم عذب وقتل في ربيع الآخر سنة ست وستين وثلاثمائة، بعد أن سمل عضد الدولة عينه الواحدة، وقطع أنفه، وله نظم جيد". سير أعلام النبلاء، ج ١٦، ص ١٣٧ - ١٣٨. ولد ابن العميد سنة ٣٠٠ هـ, وتوفي سنة ٣٦٠ هـ.
(٢) ديوان ذي الرمة، ص ٤٣. والبيت من قصيدة اسمها: "بكى زوج مي"، وهي من الطويل.
(٣) ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن: تاريخ مدينة دمشق، تحقيق محب الدين أبي سعيد عمر بن غرومة العمري (بيروت: دار الفكر، ١٤١٥/ ١٩٩٥)، ج ٤٨، ص ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>