وغالبُ ظني أنه هو ديوان الشعراء الستة الموجودة منه نسختان في الخزانة الأحمدية بجامع الزيتونة.
فعمدتُ إلى ما اتفق على إثباته عاصم بن أيوب البطليوسي في شرحه، وأبو جعفر في شرحه، وجمعتُ منهما هذا الديوان، مبتدئًا بما اتفقا على إثباته، ومعبرًا عنه بقولي:"قال النابغة" أو نحوه دون عزو إلى أحد الشرحين لاتفاقهما عليه. ثم أذكرُ ما انفرد به أبو جعفر في شرحه معزوًّا إليه، مع التنبيه في جميع ذلك على اختلاف الروايات في الألفاظ وفي ترتيب الأبيات.
وأثبتُّ ما يوجد من شعر النابغة في "ديوان الشعراء الستة" الموجود بجامع الزيتونة المذكور فيما تقدم، وهو الذي أعنيه إذا قلت:"في نسخة الديوان". وضممتُ إلى ذلك ما خلا عنه كلا الشرحين، فألحقت بكل حرف من حروف القوافي ما حصل لدي من شعر النابغة، وعبرت عنه بملحقات، منبهًا على ذكر من نسبه إلى النابغة الذبياني، مع بيان مرجعي في ذلك.
وعلقتُ على ما يحتاج إلى التعليق من الأبيات: بتفسير غريب المفردات، وبيان المعاني الخفية دول تطويل، مما لم يعرج عليه في شرح عاصم بن أيوب الذي هو المطبوع الوحيد. ورأيتُ ذلك كافيًا لإقبال الذين لهم تأهلٌ لمطالعة الديوان حتى تقع لديهم طبعةٌ علمية منه.
ويُوجد بين الذين روَوْا شعرَ النابغة اختلافٌ في إثبات أبيات القصائد وفي كلمات من الأبيات. وأشهر الرواة لشعر النابغة: الأصمعي، وأبو عبيدة، وأبو عمرو، وابن الأعرابي. وأشهر رواية الأصعمي ما يوجد في "ديوان الشعراء الستة" للأصعمي. على أن للأصعمي رواياتٍ ليست مما في "ديوان الشعراء الستة"، وهي مروياتٌ على عهد أئمة الأدب، وقد نسبها أبو جعفر في شرح ديوان النابغة لرجلٍ يُعرف بابن الجصاص. ورواية في ديوان النابغة ذكرها أبو جعفر في شرحه في قصيدة "ودع أمامة إن أردت رواحا".