للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها "الأصفهاني على مشكل المتنبي". وقد كانت النسخةُ التي عثرتُ عليها ملكًا للشيخ الطيب المذكور، وعليها خطه في مواضع، فتحصل لنا أن المؤلف أبو القاسم الأصفهاني. فإذا ضُمَّ ذلك إلى قول صاحب "الصبح المنبي" في عد أسماء الذين اعتنوا بشرح شعر المتنبي: "وكتاب أبي القاسم عبد الله عبد الرحمن الأصفهاني" (١)، حصل الظنُّ بأنه يعني هذا الكتاب، وحصل الظنُّ بمعرفة اسم المؤلف وكنيته ونسبته.

ثم وقفتُ في كتاب "خزانة الأدب" للبغدادي - في شرحه لبيت للمتنبي ساقه الرضيُّ شارح الكافية - على ما فيه مقنعٌ من التعريف بهذا الكتاب لمَّا ترجم للمتنبي، قال: "وهذه ترجمةُ المتنبي نقلتُها من كتاب إيضاح المشكل لشعر المتنبي، من تصانيف أبي القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الأصفهاني"، وساق ما في ديباجة هذا الكتاب من التعريف بالمتنبي، مبتدئًا بقولِ صاحب الكتاب: "وقد بدأتُ بذكر المتنبي ومنشئه [ومُغتربَه] "، إلى آخر ما في الديباجة (٢).

فتتبعتُ ما ساقه البغداديُّ، فإذا هو نصُّ ما ذكره صاحبُ هذا الكتاب في ديباجته (٣)، عدا كلماتٍ قليلة محذوفة. ومن العجب أن البغداديَّ سماه "الإيضاح"،


= جامع الزيتونة، منهم حمزة الجباس، وصالح الكواش، ومحمد الفاسي، وعمر بن قاسم المحجوب، وحسن الشريف، وأحمد بو خريص، وإسماعيل التميمي، والطاهر بن مسعود. وبعد أن أجازه شيوخه تصدر للتدريس بجامع الزيتونة وغيره من جوامع حاضرة تونس، وما زال صيته يسمو ومنزلته تعلو حتى جمع بين الإمامة الكبرى بجامع الزيتونة ورئاسة الفتوى، مما لم يحصل قبله لأحد من علماء الزيتونة. كانت دروسه في تفسير القرآن وشرح الحديث والفقه موضع إقبال كبير عليها لما امتازت به طريقته من تحقيق وعمق وشمول. ولم يقتصر الشيخ إبراهيم الرياحي على التدريس والإفادة، بل نهض بمسؤوليات ذات شأن تمثلت في سفارات رسمية بين تونس وعاصمة الخلافة العثمانية وسلطنة المغرب، كما كان أول من تبع الطريقة التجانية في تونس. توفي الشيخ الرياحي سنة ١٢٦٦/ ١٨٥٠ بحاضرة تونس ودفن بها، مخلفًا وراءه تراثًا علميًّا وأدبيًّا ما يزال أكثرُه ينتظر نفضَ الغبار عنه وإخراجَه للناس محققًا تحقيقًا علميًّا رصينا.
(١) البديعي: الصبح المنبي، ص ٢٦٩.
(٢) البغدادي: خزانة الأدب، ج ٢، ص ٣٤٧.
(٣) الأصفهاني: الواضح في مشكلات شعر المتنبي، ص ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>