للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدر الترتيب المؤرخ في ١٢ ثاني عشر شعبان سنة ١٣٣١ هـ إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف وبه غرست نواة دوحة التعليم الإسلامي المنظم في المدن الخمس وعد يومئذ تقدمًا عظيمًا، وسطرًا من التاريخ قويمًا. بيد أنه لم يلاق من اطراد الإقبال ما يلقح عوده، ويمرن تحليق طائره في أوج العلا وسعوده.

فهب أهل صفاقس لانتهاز الفرصة وابتدأوا يستخرجون من ذلك ما أملوا منه أن يروي الظماء، ورأوا من صالحهم أن يعالجوا حفرها والتدادها ولسان حالهم ينشد: هو الري أن تعطي النفوس "ثمادها" (١) حتى أصبحوا اليوم يحمدون رواءه ويتطلعون إلى ما وراءه.

إن الغرض الأهم من أعمالنا هو النهوض بالتعليم الإسلامي بما يمدنا الله به من الاستطاعة لتثقيف الأذهان بالعلم الراسخ والفهم القويم، فإن علوم الدين هي الوسيلة لتزكية النفس وإعدادها لقبول الكمال الحق. وعلوم اللغة العربية هي العروة لشد أواصر الجامعة الإسلامية وإدراك معجزة القرآن البيانية، فلا جرم أن يكون معظم أعمالنا تسهيل سبل الوصول بطلبة العلم إلى هذه الغاية المزدوجة: بانتقاء أحسن الأساليب وتوفير نفيس العمر.

وقوام ذلك هو تذكير العالمين وإرشاد المتعلمين، فبذلك يحصل النجاح المأمول. وإن توسيع نطاق هذا العمل لا يتأتى إلا بتنشيط الفروع الزيتونية


(١) هذا عجز البيت الأخير من ثلاثة أبيات نسبها الجاحظ إلى بعض الحجازيين، وهي:
إِذَا طَمَعٌ يَوْمَا عَرَاني قَرَيْتُهُ ... كَتَائِبَ بَأْسٍ كَرَّهَا وَطِرَادَهَا
أَكُدُّ ثِمَادِي وَالْمِيَاهُ كَثِيرَةٌ ... أُعَالِجُ مِنْهَا حَفْرَهَا وَاكْتِدَادَهَا
وَأَرْضَى بِهَا مِنْ بَحْرِ آخَرَ إِنَّهُ ... هُوَ الرِّيُّ أَنْ تَرْضَى النُّفوسُ ثِمَادَهَا
والبيتان الثاني والثالث ذكرهما أبو العباس ثعلب بدون نسبة. الجاحظ: البيان والتبيين، ج ٢/ ٣، ص ٢١٠؛ ثعلب، أبو العباس: مجالس ثعلب، شرح وتحقيق عبد السلام محمد هارون (القاهرة: دار المعارف بمصر، ط ٢، ١٩٦٠)، ص ٥٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>