للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعلها تجر على نفسها بعد هذا الحادث المشؤوم مراقبة شديدة بعد أن خسرت نفوذ ندائها في آذان الحكومة ولفتت روحًا من التطرف. نحن نقيم الدليل في سائر أطوارنا وأعمالنا على أنا ما زلنا في دور الطفولية، وأن كفاءتنا إلى الرشد أمر لم يزل بعيدًا عن مطامعنا وانتظارنا. فنحن أحرارًا مثالُ التهور وحب الانتقام من الضعفاء والأبرياء، ومضطهدين مثالُ الاستكانة والتملق. والنفاق والانقسام وعدم التماسك والتباغض ونبذ الصالح العام قرناؤنا في بُؤسنا ونُعْمنا.

فجنابكم أكبر عند العقلاء من أن يهتز لمثل تلك الورقة التي يمنع من بروزها الشرع والأدب والقانون، كيف ومن بين ألفاظها هنات وفواحش ينزه عن سماعها المرء مع قرينه، بله الابن مع أبيه. ولا شك أن صاحبها مسوق بأيد من ورائه لعل جنابكم لا يجهلها، فهي التي تزجيه - كما تُزْجى لُعَبُ الظل - إلى ما يقول لإطفاء نار حسدهم وقعودهم عن كل فضيلة.

سيدي، إن هاته الأفكار، سواء كانت مكتوبة أو شائعة على الألسن، لا يتلقاها جنابكم إلا بالصفح. وهريرُ الكلب لا يقطعه الرجم، ولكن يقطعه الإعراض. وأنا أريد أن أفكر مع جنابكم بعد شخوصكم إلى الحاضرة في الخطة التي نصدر عنها لمقاومة هاته الأراجيف وإقامة الأدلة على تكذيبها حتى لا يتسع الخرق، وعسى أن لا يعوزنا أمرها. والله يبلغني عنكم أطيب الخبر، ومعاد التحية. والسلام من معظم قدركم

ابنكم الطاهر بن عاشور

<<  <  ج: ص:  >  >>