الذي صير جمعها صعبًا، فإني لا أجد خليقًا بذلك غير لسانين:[الأول] لسان التعليم وإنه للسان حكيم، لكنه يشتمل على عقدة ربما لا تجعله نافعًا في ذكرى الذاهلين وعظة المسرفين، و [الثاني] لسان النشرات العلمية التهذيبية تموج صدى صوته تجاويف حروف الطبع، فيخترق آذانًا طالما تصامت عن عظة الواعظين، ويبلغ إلى قلوب غرق بها منامُ الحالمين، فلا تسَلْ بعدُ عنها وقد أشرقت عليها أنوارُ المعارف كيف تنهض إلى سماء حقائق الأشياء فتصافح أفلاكَها، فإن عجزت عن إدارتها لا تعدم نقدَ حركاتها.
ثم ما زلتُ راجيًا أن أرى منا ناهضًا يُحيي لهاته الأمة فخارًا، ويقول لأهلها {امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا}[طه: ١٠]. فهذا رجائي قد أسفر عن مجلتكم العظمى، وعسى أن يقارنها من تعضيد الموالين ما تحقق به الآمال، وسيكون إن شاء الله من اسمها للأمة أصدقُ فال.
لكنك ستجد في صنيعك هذا ألسنًا شاجرة، وصدورًا ثائرة، وعيونًا متغامزة، كما وجد الناهضون من قبلك. فإن استطعت أن لا تزيد أراجيفَهم إلا معرفةً بكبر نفسك، وتصميمًا على غاية فكرك، ولهوًا عن قولهم فإنهم حاسدون، ويأسًا من نصرتهم فأولئك هم الخاذلون، ولتكن استعانتُك وتوكلُك على مَنْ كفل الهدايةَ إلى الصراط المستقيم، {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧)} [البقرة: ١٣٧]. ولك تحيةُ صديق مخلص، ونصير مؤازر.