غير أني أجد سُلُوًّا بما روَّح على النفس من خالص تعزيات أسرة هذا المجمع الجليل، والتعبير عن صميم مشاركتهم لأسرة الفقيد في مصابنا الجَلل، وخاصة ما ألقاه ممثل المجمع الشاعر العبقري الأستاذ عزيز أباظة في حفل الأربعين الذي أقيم بتونس، من شعر يلوح منه برقُ صداقة لماعة، ووَدْقُ عهود محفوظة غير مضاعة.
واليوم أعاد إزجاءَ سحائبه ما هب عليها من لواقح هذه الحفل الجليل، مما دل على أنه ود لا ينضب ماؤه، ولا يرنق بمرور الزمان صفاؤه. وودِدْتُ لو كنتُ حاضرًا بينكم بجثماني ليتظاهر المقالُ مع شواهد الحال، بيد أني أرسلت كتابي هذا معبِّرًا عني، فما الكتاب إلا أثر القلم الذي أمسكته يدي إمساكَ الماتح بالعروة، ليفرغ سَجْلًا مما في الضمير من جزيل الشكر، والاعتراف بالجميل للسادة أسرة المجمع، مصداق ما وَدَّه أبو العلاء أن يكون به لقاؤه لأبي حامد الإسفرائيني بقوله:
شكرًا أرجو أن يفي بحق ما أبدوه جماعات ووحدانًا من مشاطرتي وسائر أسرة الفقيد العزيز في الأسف والأسى، من مقاويل ومستمعين، مشاطرةً منبعثة عن صدق الأخوة، ورعي صفاء الخُلة، لفقيد كان ذكرُهم بالجميل هجّيرَا لسانه، والتحفز للقائهم أهم شانه.
وللأستاذ الجليل رئيس المجمع من ذلك الحظُّ الأوفر، ولكل من الأستاذين نائب الرئيس والأمين العام ما يوازنه.
وأبتهل إلى الله تعالى أن يجازيَ الفقيد العزيز أحسن الجزاء، على ما بذله من طاعة الله ورسوله، في تأييد الشريعة الإسلامية، والذب عن اللغة العربية: {وَمَنْ
(١) المعري: سقط الزند، ص ١٤٩. والبيت هو السادس في قصيدة من ثلاثة وثلاثين بيتًا من بحر البسيط بعث بها أبو العلاء إلى أبي حامد الإسفراييني حين كان ببغداد.