للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: ذكر سليمان بن سَبُع السبتي في كتابه "شفاء الصدور" (١) هذا الحديث بدون إسناد بروايتين مختلفتين متقاربتين، هما من بين ما في المواهب مع مخالفة في ترتيب المخلوقات وفي تعيينها، ولا حاجةَ إلى التطويل بذكرها. فالظاهرُ أن الذي في "شفاء الصدور" هو روايةُ البيهقي. (٢) وفي رواية ابن سبع أن الجزء الرابع من الجزء الرابع ادخره الله تحت ساق العرش، فلما خلق آدم جعلَ ذلك النورَ فيه.


= وجودَ له فيه ولا في غيره من مصنفاته. قال محقق شرح الزرقاني على المواهب (ج ١، ٨٩، الحاشية رقم ١): "حديثُ جابر هذا - المنسوبُ إلى عبد الرزاق - موضوعٌ لا أصلَ له. وقد عزاه غيرُ واحدٍ إلى عبد الرزاق خطأ، فهو غيرُ موجودٍ في مصنفه ولا جامعه ولا تفسيره. ومن الذين نسبوه إلى عبد الرزاق ابن العربي الحاتمي [الصواب: ابن عربي، صاحب الفتوحات المكية وفصوص الحكم] في تلقيح الأفهام، والديار بكري في كتاب الخميس في تاريخ أنفس نفيس، والعجلوني في كشف الخفاء وفي الأوائل العجلونية. وقال السيوطي في الحاوي في الفتاوى ١/ ٣٢٥: أما حديثُ أولية النور المحمدي فلا يثبت. وقد حكم الشيخ عبد الله بن الصديق [الغماري] في رسالة: مرشد الحائر ببيان وضع حديث جابر، على هذا الحديث بالوضع. وقد سبقه إلى ذلك أخوه أحمد بن الصديق، فَلْيُتَنَبَّهْ إلى ذلك". قلتُ [أنا محمد الطاهر الميساوي]: ولا يبعد أن يكون الشيخ ابن عاشور سابقًا لهما جميعًا في ذلك، فهو يكبرهما بأكثر من عشرين سنة على الأقل، وحينما تخرجا من الأزهر في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين كان هو شيخًا للزيتونة وكان قد مضى على ظهوره كاتبًا في قضايا الإصلاح ما يزيد على ثلاثة عقود.
(١) العنوان الكامل للكتاب هو "شفاء الصدور في أعلام نبوة الرسول"، أما المصنف فهو أبو الربيع سليمان بن سَبُع السبتي، العجميسي أو العجيسي، ويلقب بالخطيب. ولد بسبتة، وبها نشأ وتعلم؛ ولا نكاد نعرف عنه شيئًا غير ذلك، فلا ندري متى ولد، ولا متى توفِّي، كما لا نعرف أي شيء عن أسرته أو عن شيوخه أو تلاميذه. ولكن المؤكد أنه يكبر ابن مدينته القاضي عياض المتوفَّى سنة ٥٤٤ هـ، فقد ذكره وكتابه الكتاني حيث قال عند ذكره لكتب السيرة والشمائل: "وكتاب الشفا بالتعريف بحقوق المصطفى. . . وفيه أحاديث ضعيفة وأخرى قيل فيها إنها موضوعة تبع فيها شفاء الصدور للخطيب أبي الربيع سليمان بن سُبع السبتي". الكتاني، محمد بن جعفر: الرسالة المستطرقة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة (القاهرة: مكتبة الكليات الأزهرية، بدون تاريخ)، ص ٧٩. هذا وقد أورد التليدي أن ابن سبع توفي سنة ٥٢٠ هـ دون ذكر لمرجعه في ذلك. التليدي، محمد بن عبد الله: تراث المغاربة في الحديث النبوي وعلومه (بيروت: دار البشائر الإسلامية، ط ١، ١٤١٦/ ١٩٩٥)، ص ١٩٧. ولا نعلم أن كتاب شفاء الصدور مطبوع.
(٢) لم أجده عند البيهقي، لا في السنن الكبرى، ولا في دلائل النبوة، ولا في معرفة السنن والآثار. ولم يتسن لي الاطلاعُ على كتاب شفاء الصدور للتحقق من الروايتين اللتين أشار إليهما المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>