للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني: أنا نجد أحاديث كثيرة روتها عائشة رضي الله عنها تتضمن ما دار بين رسول الله وبين سائليه، ولم نجد مثلَ ذلك لبقية أمهات المؤمنين. فعلمنا أن ذلك انفردت به عائشة، من أجل قرب بيتها من مجلس الرسول، وقد كان بيتُها بقرب الروضة.

الدليل الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا شطرَ دينكم عن عائشة". (١) وهو كلامٌ جارٍ مجرى البلاغة في غزارة علمها بالدين، ومن جملة أسباب ذلك اطلاعُها على ما يجري في مجلس رسول الله، وبذلك امتازت على بقية الأزواج.

الدليل الرابع: ما رواه الترمذي عن أبي هريرة أنه قال: "لقد رأيتُني وإنِّي لأَخِرُّ فيما بين منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحجرة عائشة من الجوع مغشيًّا علَيَّ، فيجيء الجائي فيضع رجلَه على عُنقي يُرَى أنَّ بِيَ الجنونَ، وما بي جنون، وما هو إلا الجوع". (٢) مع ما رواه البخاري وغيره أن أبا هريرة قال: "يقول الناس أكثر أبو هريرة، وإن إخوانَنَا المهاجرين كان يشغلهم الصَّفَقُ بالأسواق، وكان إخوانُنا من الأنصار يشغلهم العمل في أموالهم، وكنت ألزم رسولَ الله على شبع بطني؛ فأسمع ما لا يسمعون، وأشهد ما لا يشهدون". (٣)


(١) قال العجلوني: "قال الحافظ ابن الحجر في تخريج أحاديث ابن الحاجب من إملائه: لا أعرف له إسنادًا، ولا رأيته في شيء من كتب الحديث، إلا في النهاية لابن الأثير، ذكره في مادة ح م ر، ولم يذكر مَنْ خرجه. ورأيته في الفردوس بغير لفظه، وذكره عن أنس بغير إسناد بلفظ: "خذُوا ثلثَ دينكم عن الحميراء". وذكر ابنُ كثير أنه سأل عنه الحافظين المزي والذهبي فلم يعرفاه. وقال السيوطي في الدرر: لم أقف عليه". ثم ساق كلامًا فيه للعلماء خلاصتُه أنه حديثٌ موضوع. كشف الخفاء، الحديث ١١٩٨، ج ١، ص ٣٧٤ - ٣٧٥. وقد أخرج الترمذي في فضل عائشة رضي الله عنها عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري أنه قال: "ما أشكل علينا أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا". سنن الترمذي، "أبواب المناقب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، الحديث ٣٨٨٢، ص ٨٧٣
(٢) سنن الترمذي، "كتاب الزهد"، الحديث ٢٣٦٧، ص ٥٦٤.
(٣) أورد المصنف الحديث مع بعض التصرف في ألفاظه، وقد جاء بروايات مختلفة، فانظرها في مظانها. صحيح البخاري، "كتاب العلم"، الحديث ١١٨، ص ٢٥؛ "كتاب البيوع"، الحديث ٢٠٤٧، =

<<  <  ج: ص:  >  >>